مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

الخميس، 15 أكتوبر 2009

علمتني سمكة - أهمية أن نحيا في هدوء

وقفت على شاطيء نهر الحياة أتأمّل، فرأيت أمواجاً تتلاطم ولا أعرف لماذا؟! وسفن تسير ولم أعرف إلى أي مكان هى تسير؟! أو على أي شاطيء سترسي؟! ولكن، لا الأمواج شغلتني كثيراً ولا السفن تملّكت فكري طويلاً، بل جذبني سمك البحر، وقادني من حيث لا أدري إلى تأملات عميقة، وتعاليم سامية قد أفادتنى كثيراً، وإليكم بعض ما تعلّمته:

أهمية أن نحيا في هدوء

نعلم أنَّ السمك يهرب من الضوضاء، فأيّ حركة تُعد مصدر خوف له، وهذا ليس ناتجاً عن حاسة السمع، فقد ثبت أنَّ هذه الحاسة معدومة لديّ الأسماك، ولكن حاسة اللمس قوية جداً فيه، فالذي يحدث هو أنَّ الحركة تُحدث تموُّجات هوائية، وهذه التموُّجات تتسبب في تحريك الماء، فيشعر السمك بالخطر المُحيط به، فيهرب إلى مكان آخر يكون أكثر هدوء!

هنا أتذكّر موقف رائع يَنُم عن ذكاء خارق، لصاحبة الإرادة القوية " هيلين كيلر ففي إحدي ندواتها عندما صفّق لها الحاضرون، رأوها وهى ترفع يدها، فتعجبوا! ليس لأنَّها بادلتهم التحية، بل لأنَّها عمياء وخرساء وصماء! فسألوها كيف عرفتي أنّهم يُصفّقون لكِِ؟ فقالت: عندما صفَّقوا تحرَّكت طبقات الهواء من حولي، فشعرت بحركة ذيل الفستان، فتوقّعت أنَّ الحاضرين يُحيونني ويجب علىّ أن أُبادلهم التحية!!

والحق إنَّ الإنسان الحكيم، وكل من يتمتع بمواهب روحية وثقافية.. لا يترك نفسه نهباً لصخب العالم وضوضائه، ولهذا ما أن يجذبه العالم بمادياته الفانية وتقاليده وعاداته البالية.. فسرعان ما ينسلخ ولو قليلاً ليرتد إلى ذاته، فيحيا فى عالمه الخاص الصغير، الذي يشعر فيه بالأمان والسلام.. هكذا عاش وأبدع قديسون وفلاسفة وعلماء.. بعد أن تحرروا من قيود المجتمع، وارتفعوا فوق مشاكله وهمومه، وتخلّصوا من صحبة أصدقاء السوء..

قصة

في الصباح الباكر انطلق الطفل مارك إلى أبيه، الذي كعادته حوّل وجهه إليه مبتسماً واحتضنه وقبَّله، لكنَّه لم يُداعبه كثيراً، لأنَّ مارك سأله عن سر تطلّعه كثيراً من النافذة؟ ففتح سؤال الابن قلب وعقل الأب للكلام والتأمل فقال: إنَّ منظر الطيور المُغرّدة يُبهرني، فهى تُغرد ثم تطير جماعاتً، وكأنَّها تبدأ يومها بالتسبيح لتنطلق بروح الفرح للعمل معاً، كما لو كان أسعد كائنات في الوجود، والعجيب أنَّها تقف على أسلاك التليفونات لتُثبِّت بمخالبها الصغيرة وقفتها وهى غير خائفة البتة، والأسلاك تحمل أحاديث كثيرة تَعبُر من بيت إلى آخر، وهى تحوي داخلها مشاكل وهموم وأسرار.. لكنَّ الأخبار تمر بسرعة تحت أقدام العصافير، وتظل محتفظة بهدوءها دون أن تفقد سلامها، أو تتوقّف عن تغريدها.. ونحن كمؤمنين أحبّوا الله نحيا وسط صخب العالم، وقد تلاطمنا أمواجه، ولكن بقلوب هادئة نحيا، مرتفعين كالعصافير فوق مشاكل ومضايقات البشر، هكذا تحيا السفينة في الماء دون أن يتسرّب الماء داخلها، لأنَّ دخول الماء إليها يعني غرقها! أتتذكَّرون قول معلَّمنا يعقوب الرسول: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّو اًلِلَّهِ " (يع4:4).

قصة

في يوم ما انطلقت مجموعة من البط البريّ متَّجهة نحو الجنوب، وكان الكل يطير ويستريح معاً فى تناسق وانسجام عجيب، وحدث أن لاحظت بطة أثناء طيرها مجموعة من الطيور تأكلفى حقل، ففكّرت أن تهبط وتأكل معهم ثم تلحق بالسرب، وقد كان! إذ نزلت وملأت بطنها واشتهت أن تأكل أكثر فنالت شهوتها! والآن جاءت لحظة الانطلاق فوجدت نفسها عاجزة عن التحليق في السماء، لقد أثقلها الطعام ويجب أن تعيش في وحل الأرض، تعانى من الأصوات المزعجة، وتختبيء من الحيوانات المفترسة، لقد كانت تحيا حياة هادئة فماذا جنت من شهوة عابرة؟ لم تجنِ سوى الندم على حياة جميلة اختبرت أفراحها، وهكذا عاشت البطة غريبة بين طيور وحيوانات ليسوا من فصيلتها، تنتظر قدوم الشتاء لَعلَّها تجد من يرفعها وتطير مع رفيقاتها، لكنها لم تصمت بل كانت ترتل مع داود النبيّ قائلة: " لَيْتَ لِي جَنَاحاً كَالْحَمَامَةِ فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ! "(مز6:55).

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

علمتني سمكة - الرغبة في الحياة

يحيا حيوان البر بالقرب من الإنسان ولكن ماذا جنى؟ الذبح والاستعباد! وهكذا طير السماء فى هروب دائم من أجل حريته! إذن فاعتزال الأسماك دليل على أنَّه يرغب الحياة كغيره من المخلوقات، ولأنَّه يعرف جيداً أنَّ هلاكه في قربه من الناس فهو لهذا يهرب منهم.ونحن كبشر، ألسنا نعرف أنَّ العالم الخارجيّ يعني المخاطرة؟ إنَّه ساحة حرب، إذن إمكانية الإصابة واردة، وهل يوجد إنسان لم يجرحه العالم بسهامه المسمومة؟ أعتقد أننا جميعاً اختبرنا جروح الغيرة والحقد والحسد والكراهية.. ولهذا فضّلنا الاحتماء وتحصين أنفسنا، وذلك بعدم الخروج من حصننا الذاتي ولو لفترة، إلى أن توقّفت أعاصير العالم المُدمّرة!وهكذا يتعلق الإنسان أكثر فأكثر بالداخل للحصول على وسائل الوقاية اللازمة، وهذا ليس إنسلاخاً أو تهرّباً أو انعزالاً عن كره.. لأنَّنا نعلم أنَّ حياة الإنسان مع الآخرين وبالآخرين، وسواء أراد أو لم يُرد، فإنَّ دائرته الخاصة التى يحيا فيها، حتماً ستدخل ضمن دوائر كثيرة، كالأب والزوجة والأولاد والرؤساء..

قصة
يُحكى أنَّ كلباً قوياً كان يفتخر بين أصدقائه بقدرته على الجري وذات يوم إذ كان يجري وراء أرنب ليقتنصه، فلمَّا هرب الأرنب ولم يستطع أن يلحق بهسخرت منه الكلاب وعيَّرته قائلة: أين هى بطولتك في الجري ومهارتك في السباق التي كنت تُحدّثنا عنها؟! كيف استطاع أرنب ضعيف أن يهرب منك ويسبقك؟!فصمت الكلب قليلاً وقد اعتراه الخجل ثم قال:>ليكن ما قلتم ولكن لا تنسوا أنَّ الأرنب كان يجري لأجل حياته، أمَّا أنا فكنت أجري من أجل عشائي! إنَّها قصة من نسج الخيال، ولكنَّها رسالة حقيقية من أرنب تقول: إنَّ في أعماقك قدرات هائلة، لو هربت لحياتك وأسرعت بعيداً عن الخطية لاختبرتها، والشيطان لن يستطيع أن يلحق بك، ألم يقل الملاك للوط: "
إهْرُبْ لِحَيَاتِكَ، لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ، اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلَّا تَهْلَِكَ ".

قصة فى أوربا حيث يكسو الجليد في موسم الشتاء، كل شيء بطبقة ناصعة البياض، حدثت هذه القصة مع أرملة فقيرة، كانت ترتعش مع ابنها الصغير من شدة البرد، لقد ضلاَّ الطريق! ولكن سرعان ما تصادف مرور عربة يجرها زوج من الخيل فوقف السائق وأركبهما، وأثناء السير بدأت أطراف السيدة تتجمّد من البرودة وكادت أن تفقد الوعى!! بسرعة وبعد لحظات من التفكير أوقف الرجل الخيل، وألقى بالسيدة خارج العربة وانطلق ومعه الطفل! لا شك أنَّه تصرّفاً قاسياً! لكنَّ السيدة ترغب الحياة ولو من أجل ابنها، فماذا فعلت؟ لمَّا رأت ابنها يبعد عنها قامت ومشت، ثم بدأت تجري بسرعة فائقة، إلى أن بدأ عرقها يتصبّب، وهكذا بدأت تشعر بالدفء واستردت صحتها، فأوقف الرجل العربة وأركبها معه وأوصلها هى وابنها لقد رغبت المرأة الحياة فنجت من موت الجسد، والرغبة في الحياة مع الله تُنقذنا من موت الروح وإن كان السائق قد ظهر قاسياً، إلاَّ أنَّ هذا يذكّرنا بقول السيد المسيح لبطرس: " لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ " (يو7:13).

السبت، 3 أكتوبر 2009

الفكر لايموت(قصة)

إن الفكر لا يموت ، والثقافة لا تُمحى، فقد قرأت قصة تصوّر حالة مجتمع كان قادته يحرقون الكتب خوفاً من المثقفين، وما تتضمنه هذه الكتب من مبادئ وأفكار وقيم عن المساواة والعدل والحرية... ربما تؤثر على الناس وتقودهم إلى ثورة..
ولكي يجعلوا الناس في حالة سطحية، زودوا كل بيت بشاشة تليفزيونية كبيرة، لا تعرض إلا البرامج المسلية فقط، وتم إغلاق المكتبات، وأُحرقت الكتب.
ولكن هل تلاشى الفكر؟ هل اندثر المثقفون ؟ بالطبع لا، لأن المثقفين تداولوا الكتب سراً وفروا إلى الغابة، وهناك بدأوا يحفظون الكتب حتى إذا ضبطها حارقوا الثقافة ودمروها لا تضيع.
وقد كانت فكرة رائعة، لأن الكتب تحولت إلى كائنات بشرية، يحفظها عقل الإنسان ويرويها لغيره، والطريف في هذه القصة:
إن كل واحد منهم أصبح يسمي نفسه باسم القصة أوالكتاب الذي حفظه، فهذا اسمه الحرب والسلام لأنه يحفظ رواية تولستوي الشهيرة، وهذا اسمه البؤساء لأنه يحفظ رواية فيكتورهوجو.
وهكذا ظلت المعـرفة حية طالمـا أن الإنسان يحيا على الأرض.. وكل محاولة للقضاء على المعرفة وتنوير الفكر سيكون مصيرها الفشل

الخميس، 1 أكتوبر 2009

علمتني سمكة - الطاعة والخضوع


بينما كنت أتطلّع إلى سمك البحر تذكّرت قصة يونان النبيّ الذي كان يتهرّب من الله!! فالذهاب إلى نينوى لتبليغ رسالة إلهية، يعني رفض الله لليهود، ودخول الأُمم الإيمان.. فماذا فعل الله: أمر حوتاً فابتلع يونان،فحفظ الحوت يونان إلى أن ألقاه على الشاطيء سالماً!

لقد أطاع السمك أمر الله!! ونحن كبشر كثيراً ما نرفض وصاياه!! الإنسان يطلب هلاك أخيه، بينما السمك يسعى فى نجاته!! فهل لنا أن نقول: إنَّ هؤلاء أكثر صمماً من الأسماك؟! والسمك العديم العقل يوبَّخهم لطاعته واحترامه وخضوعه التام لأمر الله؟!يجب أن نعرف أنَّ وصايا الله لم تُعطَ للإنسان، إلاَّ لخلاصه ونموه وراحته وسلامه.. وكل الذين أقاموا لأنفسهم ناموساً بشريّاً، وفلسفات دنيوية ضلوا الطريق المؤدي إلى الحياة الأبدية، إنَّها قمة المآسيّ أن يسعى البشر ليُقيموا نظرية متكاملة عن السعادة خالية من النبض الإلهيّ!

إن كانت هذه تُسمّى حياة فما عسى أن يكون الموت؟! أعتقد أنَّ الاقتراب من اللا محدود، أعنى الله، يجعل الإنسان لا يبالى بكل ما هو محدود، والحياة مع الخالق لا تجعل الإنسان يتعبّد للمخلوق.

قصة

أحضر أب صندوقاً مملؤاً من المجوهرات الثمينة، ووضعه أمام أولاده الثلاثة وفتحه أمامهم وقال: الآن كل واحد يأخذ ما يستطيع، وكانت الفرصه كبيرة أمام الابن الأكبر فمليء يديه الكبيرتين، وبعده أخذ الابن الأوسط قدراً كبيراً، فلمَّا جاء دور الابن الاصغر، نظر الى يديه الصغيرتين فركض الى حضن أبيه وسأله: أبى هل تُحبني؟ فأجاب: نعم، فقال الابن: إذن هل من الممكن أن تُعطينى أنت نصيبى بيدك؟ فنظر الأب إلى الابن وأغلق الصندوق، وأعطاه كل ما فيه!!

لقد اعتمد الابن الأصغر في حياته على أبوه، فلمَّا جاءت لحظة التقسيم لم يتخل عن ذلك فجنى الكثير، أمَّا نحن الذين نعتمد على قوانا الضعيفه دون الرجوع الى الله، فكثيراً ما نسقط في فخاخ وشكوك.. أتعرفون ماذا اختار لوط عندما اختلف مع إبراهيم؟ لقد نظر إلى دائرة الأردن التى كانت كجنّة الرب كأرض مصر (تك10:13)، فاختار الأرض الخضراء وهو لا يعلم أنَّ في هذا المكان، ستنزل نار وكبريت من السماء لتحرق سدوم وعمورة!

قصة

يا ليتني أطعت! يا ليتني أطعت! تلك كانت صيحة أحد المجانين في مستشفى أميركي للأمراض العقلية! وقصة هذا المسكين أنَّه عمل موظفاً في شركة قطارات، وكان عمله محصوراً في رفع الجسر عند مرور البواخر وإعداد الخط لمرور القطار، وتسلّم، ذات يوم أمراً بإبقاء الجسر لمرور قطار سيّاح لم يكن موعد وصوله محدداً بالضبط، فأخذ إستعداداته وجلس ينتظر..في تلك الساعة وصلت سفينة طلب قبطانها وهو صديق له، أن يسمح له بالمرور، فأذعن ورفع الجسر! ويا لهول الرعب الذي أصاب الموظف عندما صرخ: يا ليتني أطعت! وهو يضع يديه على أُذنيه، لقد سمع صوت صفير القطار وهو يُقبل بسرعة فائقة، ورآه يندفع منحدراً الى النهر، والسياح يلقون حتفهم!!

إنَّها حقاً مأساة! ولكن لو تأمّلت حياتك، وغصت في أعماق ضميرك، لوجدت أنك تلقّيت أمراً أسمى جاءك من السماء، وكان يجب عليك أن تُطيعه، فصوت الله يأمرنا قائلاً: " توبوا "، فهل أطعت؟ أم لازلت حبيس أفكارك؟!