مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

الاثنين، 27 يونيو 2011

شجرة جافة تبحث عن ماء الحياة


كانت إمرأة من السامرة ساقها الهوى فى زمن الصبا إلى متاهات الضلال، فى كهوف الخطية عاشت تتقلب كالحشرات فى زواياها، لقد لفت الخطية بذيلها السام الطويل على عنقها، وزينت لها الدنيا بالزهور، وأفعمت هواءها بالعطور، وأوهمتها بأن ليل الشهوة مضيء، ومملوء بالفرح والسرور.

وانفصلت المرأة كحمل جريح عن سرب القطيع، وصارت الوساوس تتقلب فى عقلها، مثلما تتقلب العقارب والأفاعي على جوانب المستنقعات والكهوف، وينجح شيطان الزنى النجس، أن يزوح زهرة ربيعية بأوراق خريفية واضعاً النهار فى صدر الليل!

وتذهب المرأة إلى بئر يعقوب، وأخيلة الأشجار القائمة على جانبي الطريق، تتحرك أمامها كأشباح قد انبثقت من شقوق الأرض لتخيفها! لكن يسوع يتخطى التقاليد البالية ويذهب إلى شجرة جفت أغصانها وتساقطت أوراقها، إلا أنها لازالت تحمل جذور حية وإن كانت مختفية فى ظلمة الأرض!

وهناك على البئر يجلس ابن الإنسان ليستريح من تعب المسير، وهو فى الحقيقة تعب أكثر من المشي وراء الضالين والساقطين، وما هى إلا لحظات حتى وجدت السامرية نفسها أمام وجه مضيء كما لو كان كوكباً قد هبط من السماء، وقد كان لقاءها بالمسيح أول فصل فى رواية الحياة ، حياة الحب الطاهر البريء، الذى لم تختبره فى ست رجال، ومنذ أن تقابلت مع البار، وهى لم ترتدِ سوى ثياب الطهارة ! لقد صارت كزنبقة الحقل بل فاقتها بياضاً وجمالاً !

لا ننكر أنها اضطربت من هيبته، وشعاع الطهارة المنبعث من عينيه، وكيف لا تقلق الطريدة وقد باغتها الصياد! أو الظلمة وقد داهمتها جيوش النور! لكنها ظلت تحدق فى عينيه كأنها تبحث عن شئ، تنظر إليه نظرة غريق نحو نجم لامع فى قبة السماء ! ثم أحنت إلى الأرض رأسها ونظرت إلى طبيعتها الترابية، لأنها لم تحتمل أشعة طهره، التى كانت تنبثق لا من عينيه فقط، بل من كل حواسه ! وبصوت هادئ وديع يضارع نغمة الناي رقة قال لها يسوع: أعطيني لأشرب !

فشعرت تلك الجائعة إلى الحب الطاهر بعاطفة عذبة قوية، تتمايل كالنسيم الهادئ بين ضلوعها، ويستحوذ يسوع على قلب السامرية، وبحكمة سماوية يطلب منها أن تذهب وتأتى بزوجها، وتعترف المرأة بخطيتها وأنه نبى، فشعاع الحب قد اخترق قلبها، فلما تحدثت عن الماضي بصدق تحول ماضيها الخريفي إلى ربيع دائم تفتحت زهوره وفاحت رائحة عبيره.. فتركت عند البئر جرتها وهى فى الحقيقة فقد تركت خطيتها، لتبشر بعريسها السماوي.

لقد كانت ظلاماً فأصبحت الآن تشع نور التوبة والإيمان، وها هى تذهب لتشيع النور فى كل مكان، وتكحل عيون الجالسين فى الظلمة وظلال الموت، فتحول الطريق الذى كان قبلاً مخيفاً، إلى مهرجان كبيرأو قل أعظم عيد، فكان الشجر يصفق لها، والحجر يغنى ابتهاجاً بخلاصهاً!

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

خطية أم حرب خطية

كثيرون لا يفرقون بين الخطية وحرب الخطية! وهم لذلك يعيشون في قلق دائم بل عذاب مستمر، ولهذا نجد علاقات كثيرة لا تدوم بل تنتهى قبل أن تبدأ! وكما يقول هوشع النبي " هلك شعبي من عدم المعرفة ".

فقد تنظر لساعة زميلك، أو تنظرى لأسورة زميلتك.. فيتملكك فكر السرقة فهل هذا الفكر خطية؟؟ وقد ترى فتاة جميلة أو تتحدث مع إمرأة.. فتتحرك عواطفك ويمتليء فكرك بأفكار شهوانية.. فهل تحرك الغريزة خطية؟؟

وما أكثر الذين يشاهدون فيلماً أو تمثيلية أو يدخلون منتدى لأول مرة .. وفجأة يجدون منظراً خارجاً فيشعرون أنهم أخطأوا رغم أنهم حولوا أبصارهم ولم تكن لديهم معرفة بالمنظر من قبل!

للتوضيح والإجابة على هذه المواقف سنطرح سؤالاً " ماذا لو كنت صائماً وبينما كنت فى الطريق تحركت أمعائك فرفضت أن تأكل وأكملت صيامك ؟ " أعتقد أن هذا فضيلة فالجهاد لا يمكن أن يكون رذيلة، وتحرك الغرائز شيء طبيعي طالما يسعى الإنسان إلى قمعها. إذن ما هى الخطية؟

باختصار شديد يمكن حصر الخطية في نقطتين:
1- السقوط الفعلى فى الخطية
2- الرغبة في السقوط

ولا تحتاج الأولى إلى توضيح، إنما الثانية التى هى موضع حديثنا تحتاج إلى توضيح، فالأفكار التى تجول فينا والشهوات.. كيف نعرف أنها خطية نابعة من داخلنا، أم هى مجرد حرب خطية؟

إسأل نفسك: الآن كل الظروف متوفرة لتحقيق أفكاري هل أحققها أم لا؟ يعنى إذا تملكك فكر السرقة إسأل نفسك: الآن أستطيع سرقة الساعة فهل ستسرقها؟ لو قلت نعم أريد سرقتها فهذه خطية حتى لو لم تستطع سرقتها، وإذا قلت لا فهذه مجرد حرب فكرية.

وإذا تملكك فكر شهوانى وأنت تتحدث مع زميلتك، إسأل نفسك: كل الظروف مهيأة لسقوطى وزميلتى لن تمانع، فإذا رغبت السقوط فهذا خطية. وإذا رفضت فهذه مجرد حرب لكي تقلقك وتنزعج.

ومعروف أن مثل هذه الحروب لن تنتهى طالما نحيا فى هذا الجسد، لأننا ولدنا نحمل الثنائية فى داخلنا: الخير والشر، النور والظلمة.. في لحظة نتحرك من أقصى اليمين إلى اليسار دون أن نعرف السبب! وتستطيع أن تتحقق من هذا وأنت تصلي، فقد تبدأ صلاتك بقوة روحية وتأملات غاية السمو وفجأة يتشتت فكرك وتتذكر مواقف ومناظر أحزنتك.


وهكذا بسؤال بسيط تستطيع أن تعرف ما الفرق بين الخطية وحرب الخطية، أما السؤال فهو: الآن كل الظروف متوفرة لتحقيق أفكاري هل أحققها أم لا؟

وقد تعمدت طرح هذا الموضوع لسببين:

1- الفشل الواضح في العلاقات بين الشباب والشابات أو الرجال والنساء عامة بسبب هذه الحرب الفكرية.
2- الشعور بالذنب المرير الذي يتملك كثيرين بسبب قلة التوعية رغم جهادهم ضد الخطية.