ليس أصعب على الباحث من تعريف الدين تعريفاً عاماً يشمل كل الأديان والمعتقدات، وترجع الصعوبة الناشئة من تعريف الدين تعريفاً جامعاً، هي أن لكل دين نواحي خاصة به، سواء كانت في الشعور أو الاعتقاد أو طرق التعبد..
كما أن البعض يريدون بالدين: الأنظمة والتقاليد الموروثة، ويقصد به آخرون العبادة والطقوس، ويطلقه البعض على الإلهام والشعور..
وفوق هذا الاختلاف يدمج بعضهم الأساطير بمفهوم الدين، لأنهم وجدوا فى الأساطير المختلفة شيئاً من فكرة الدين.. فما هو الدين بحسب مفهومنا؟
تعريف الدين
إن كلمة " ديانة " في اللغـة العربية مشتقة من الفعل " دان " أي " خضع أو أطاع "، فإذا قيل: فلان دان بالمسيحية، يكون المقصود خضع لها وأطاع تعاليمها.
وقد تأتي ديانة أيضاً من دان أي " اقترض " ، لأن الإنسان مدين لله بوجوده وحياته..
أو تأتي بمعنى : " الحساب أو المحاكمة أو الجزاء "، فإذا قلنا " يوم الدين "، يكون المقصود بها " يوم الحساب "
وفي اللغة اللاتينية نجد أن كلمة " دين " تكشف عن علاقة الفرد بالله من خلال قواه النفسية الثلاث ألا وهى: العقل والوجدان والإرادة.
فالأديب شيشرون يرى: إن أصل كلمة ديانة " Religion"، والمشتقة من " Re-ligere " تعنى: " أعاد القراءة " أو " قرأ ثانية "، لأن الإنسان المتدين يكرر باستمرار تلاوة الواجبات والوصايا المفروضة عليه من الله.
وهي هنا تشيد بالعقل، الذي يسعى إلى اكتشاف معنى الوجود، ويقرأ واقع الحياة قراءة إيمانية، والله هنا هو موضوع الدين، فهو المطلق، والقيمة والهدف والمعنى والعمق..
ويرى القديس أُغسطينوس أن أصل " Religion" هو " Re-eligere " أي " اختار ثانية "، فالدين هو أن يختار الإنسان الله من جديد، بعدما ابتعد عنه بهفواته أو تمرده أو عصيانه، وهذا الاختيار يتم بإرادة الإنسان الكاملة وبملء حريته، فهو هنا يركز على الإرادة الحرة.
ويقول الأديب " لاكتانس Lactanc" : إن أصل كلمة Religion هو Re-ligare ومعناها " ربط " أو " تكوين علاقة " لأن الدين هو الرابط الذي يجمع بين الله والإنسان إنه ربطاً مبنياً على المحبة، فالله محبة وكل ما يصدر عنه أو يخرج منه إنما هو حب ويدعو إلى الحب، والإنسان مخلوق على صورته، فالعلاقة هنا وجدانية.
مفهوم الديانة
أما الديانة فيمكن تعريفها بأنها: مجموع الواجبات، التى يقوم بها الإنسان خلال علاقته بالله، وهذه الواجبات يمكن حصرها فى أربعة:
فالله خالق الإنسان فهو إذن السيد، ويترتب على ذلك أن يعترف الإنسان بسيادة الله وسلطانه المطلق عليه، ويسمى هذا " واجب العبادة ".
كما أن الله يحفظ الإنسان ويعينه في أعماله، فكل ما للإنسان من خير هو مدين به لله، ويترتب على ذلك واجب ثانٍٍٍٍ ألا وهو: أن يحب الإنسان الله وأن يشكره، ويسمى هذا " واجب الشكر".
ومن المعروف أن الله يدبر الإنسان لأنه مصدر حياته، وهذا يعنى أن الإنسان يجب أن يطلب من الله ما هو بحاجة إليه، ويسمى هذا " واجب الصلاة ".
وأخيراً، إن الإنسان كثيراً ما يُخطئ إلى الله، ولا يجوز أن يدع الله الإنسان حراً في أن يخطئ إليه من غير عقاب، ويترتب على ذلك أن يستعطف الإنسان عدالة الله، وأن يلتمس رحمته، ويسمى هذا " واجب الاستغفار".
مضمون الديانة
لو أننا قابلنا الديانات، لنستخلص الجوهر المشترك بينها لرأينا أن الديانة تتألف من ثلاث عناصر رئيسية وهي:
المعتقد
وهو مجموعة حقائق أساسية لا غنى عنها ولا بديل لها، يجب على الإنسان معرفتها والتصديق بها، فوجود الله، وأنه أسمى من الإنسان، وأنه في هذه الدنيا واهب النعم، وسيكون بعد ذلك دياناً لنا، وأن المسيح هو ابن الله الذى ظهر فى الجسد، وقد مات على الصليب من أجل خلاص جنس البشر... بعض حقائق لابد لكل إنسان من الاعتقاد بها، لكي يُحسب متديناً، وهو بمعرفته إياها يكرم الله بفهمه.
يقـول " هوتشارلس جور Charles Gore " الأستاذ المتخصص فى عصر الرسل: إن تصور المسيحية الأولى على إنها طريق للحياة بدون عقيدة لاهوتية أمر ليس فيه انصاف، ولا تؤيده الأسانيد التاريخية.. لقد وجد من منذ البداية إيمان عام واحد، كثيراً ما أشار إليه العهد الجديد تحت اسم " التقليد " (1كو2:11) و" الإيمان المسلم مرة للقديسين " (يهوذا3).
الوصايا
وهى مجموعة من الواجبات الضرورية، فمعاملة الناس بالعدل والمساواة، وإكرام الآباء والأمهات، وعدم اشتهاء ماللغير، وعدم القتل والسرقة .. هي نذر يسير من الوصايا التي لابد لكل إنسان من السير بموجبها أو العمل بمقتضاها.. لكي يصير متديناً، وهو بمراعاته إياها يكرم الله بإرادته.
أما الوصايا الإلهية لم تُعطَ للإنسان إلا لراحته وسعادته، فالكلمات الإلهيّة المكتوبة، إنّما جاءت لعلاج ضعفنا البشري، وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: إن نعمة الله كانت كافية أن تعمل في قلوبنا ككتاب حيّ نقرأه، لكنّنا إذ لم نتجاوب مع نعمته التزم من أجل محبّته أن يقدّم كلمته مكتوبة.
ويرى القدّيس أُغسطينوس: إن الله قدّم لنا كلمته المكتوبة كمصابيح مضيئة تشهد للنهار الأبدي، قدّمها من أجل ضعفنا لتنير لنا نحن الذين كنّا " قَبْلا ًظُلْمَة ًوَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ " (أف8:5).
العبادة
وهى تشمل مجموعة من الطقوس تعبر عن روح الديانة ومعتقداتها، يجب معرفتها وإتمامها فالإنسان أياً كانت ديانته يتقرب إلى الله، بواسطة طقوس ورموز معينة، يتممها وسطاء، وبممارسة الإنسان لهذه الطقوس يكرم الله بعاطفته.
والحق إن أى ديانة تريد أن تغور فى أعماق النفس البشرية يجب أن تكون ديانة طقسية تُقدم المعانى الروحية فى مظاهر مادية، تجتذب انتباه الحواس وتهبها عزاء.. وهل ننكر أن الكنيسة منذ أن نشأت وهى تسير وفق نظم محددة وطقوس خاصة؟
الإنسان المتدين
أما الإنسان فلكي يكون متديناً، ينبغى أن يمارس الواجبات الأربعة السابقة، كما يتعين عليه أن يتمم شروطاً نذكر منها ثلاثة فقط:
الأول: أن يقبل الديانة كعلاقة شخصية مع الله، إذن كل ما يقدمه من واجبات يؤديها لله فإذا قدّم صدقة لفقير، فلايصح أن يفعل ذلك بعامل الشفقة على القريب أو بعامل حب الإنسانية فقط، بل لأن الله قد أمر بالعطاء " بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيّاً لَكُمْ " (لو41:11)، وإلا كان عمله بشرياً لم يُطيّب بالطيب الإلهي.
الثاني: أن يخرج من دائرة النظريات إلى دائرة العمل، فلا ينبغى أن نُحب الخير فقط بل يجب أن نمارسه أيضاُ، فالإيمان بدون أعمال ميت، ولهذا يقول معلمنا يعقوب الرسول: " إنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: امْضِيَا بِسَلاَمٍ اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا وَلَكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟ هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ " (يع2: 15-17).
الثالث: أن تتسم حياته بالروحانية، فلا يمكن أن يكون إنساناً باراً مالم يكن عابداً حقيقياً بالروح لله، ولهذا يوصى معلمنا القديس بولس الرسول أهل رومية قائلاً: " غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ " (رو11:12).
وقد وبخ رب المجد يسوع خادم كنيسة لاودكية لأنه كان فاتراً " هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي" (رؤ16:3).
والحق إن العبادة الشكلية، هى بمثابة نزع الروح من الجسد، ولا تقود الإنسان إلا إلى الكبت، الذى يعد خراب للشخصية، ونحن نعرف خطورة الضجر على الإنسان، ونعرف أيضاً كم أثر الفتور والاستهتار على المؤمنين بالسلب! ولهذا لا نتعجب إن صام إنسان صوماً روتينياً! ثم بعد انتهاء الصوم مارس حياة النهم حتى سقط فى خطايا بشعة..
كما أن البعض يريدون بالدين: الأنظمة والتقاليد الموروثة، ويقصد به آخرون العبادة والطقوس، ويطلقه البعض على الإلهام والشعور..
وفوق هذا الاختلاف يدمج بعضهم الأساطير بمفهوم الدين، لأنهم وجدوا فى الأساطير المختلفة شيئاً من فكرة الدين.. فما هو الدين بحسب مفهومنا؟
تعريف الدين
إن كلمة " ديانة " في اللغـة العربية مشتقة من الفعل " دان " أي " خضع أو أطاع "، فإذا قيل: فلان دان بالمسيحية، يكون المقصود خضع لها وأطاع تعاليمها.
وقد تأتي ديانة أيضاً من دان أي " اقترض " ، لأن الإنسان مدين لله بوجوده وحياته..
أو تأتي بمعنى : " الحساب أو المحاكمة أو الجزاء "، فإذا قلنا " يوم الدين "، يكون المقصود بها " يوم الحساب "
وفي اللغة اللاتينية نجد أن كلمة " دين " تكشف عن علاقة الفرد بالله من خلال قواه النفسية الثلاث ألا وهى: العقل والوجدان والإرادة.
فالأديب شيشرون يرى: إن أصل كلمة ديانة " Religion"، والمشتقة من " Re-ligere " تعنى: " أعاد القراءة " أو " قرأ ثانية "، لأن الإنسان المتدين يكرر باستمرار تلاوة الواجبات والوصايا المفروضة عليه من الله.
وهي هنا تشيد بالعقل، الذي يسعى إلى اكتشاف معنى الوجود، ويقرأ واقع الحياة قراءة إيمانية، والله هنا هو موضوع الدين، فهو المطلق، والقيمة والهدف والمعنى والعمق..
ويرى القديس أُغسطينوس أن أصل " Religion" هو " Re-eligere " أي " اختار ثانية "، فالدين هو أن يختار الإنسان الله من جديد، بعدما ابتعد عنه بهفواته أو تمرده أو عصيانه، وهذا الاختيار يتم بإرادة الإنسان الكاملة وبملء حريته، فهو هنا يركز على الإرادة الحرة.
ويقول الأديب " لاكتانس Lactanc" : إن أصل كلمة Religion هو Re-ligare ومعناها " ربط " أو " تكوين علاقة " لأن الدين هو الرابط الذي يجمع بين الله والإنسان إنه ربطاً مبنياً على المحبة، فالله محبة وكل ما يصدر عنه أو يخرج منه إنما هو حب ويدعو إلى الحب، والإنسان مخلوق على صورته، فالعلاقة هنا وجدانية.
مفهوم الديانة
أما الديانة فيمكن تعريفها بأنها: مجموع الواجبات، التى يقوم بها الإنسان خلال علاقته بالله، وهذه الواجبات يمكن حصرها فى أربعة:
فالله خالق الإنسان فهو إذن السيد، ويترتب على ذلك أن يعترف الإنسان بسيادة الله وسلطانه المطلق عليه، ويسمى هذا " واجب العبادة ".
كما أن الله يحفظ الإنسان ويعينه في أعماله، فكل ما للإنسان من خير هو مدين به لله، ويترتب على ذلك واجب ثانٍٍٍٍ ألا وهو: أن يحب الإنسان الله وأن يشكره، ويسمى هذا " واجب الشكر".
ومن المعروف أن الله يدبر الإنسان لأنه مصدر حياته، وهذا يعنى أن الإنسان يجب أن يطلب من الله ما هو بحاجة إليه، ويسمى هذا " واجب الصلاة ".
وأخيراً، إن الإنسان كثيراً ما يُخطئ إلى الله، ولا يجوز أن يدع الله الإنسان حراً في أن يخطئ إليه من غير عقاب، ويترتب على ذلك أن يستعطف الإنسان عدالة الله، وأن يلتمس رحمته، ويسمى هذا " واجب الاستغفار".
مضمون الديانة
لو أننا قابلنا الديانات، لنستخلص الجوهر المشترك بينها لرأينا أن الديانة تتألف من ثلاث عناصر رئيسية وهي:
المعتقد
وهو مجموعة حقائق أساسية لا غنى عنها ولا بديل لها، يجب على الإنسان معرفتها والتصديق بها، فوجود الله، وأنه أسمى من الإنسان، وأنه في هذه الدنيا واهب النعم، وسيكون بعد ذلك دياناً لنا، وأن المسيح هو ابن الله الذى ظهر فى الجسد، وقد مات على الصليب من أجل خلاص جنس البشر... بعض حقائق لابد لكل إنسان من الاعتقاد بها، لكي يُحسب متديناً، وهو بمعرفته إياها يكرم الله بفهمه.
يقـول " هوتشارلس جور Charles Gore " الأستاذ المتخصص فى عصر الرسل: إن تصور المسيحية الأولى على إنها طريق للحياة بدون عقيدة لاهوتية أمر ليس فيه انصاف، ولا تؤيده الأسانيد التاريخية.. لقد وجد من منذ البداية إيمان عام واحد، كثيراً ما أشار إليه العهد الجديد تحت اسم " التقليد " (1كو2:11) و" الإيمان المسلم مرة للقديسين " (يهوذا3).
الوصايا
وهى مجموعة من الواجبات الضرورية، فمعاملة الناس بالعدل والمساواة، وإكرام الآباء والأمهات، وعدم اشتهاء ماللغير، وعدم القتل والسرقة .. هي نذر يسير من الوصايا التي لابد لكل إنسان من السير بموجبها أو العمل بمقتضاها.. لكي يصير متديناً، وهو بمراعاته إياها يكرم الله بإرادته.
أما الوصايا الإلهية لم تُعطَ للإنسان إلا لراحته وسعادته، فالكلمات الإلهيّة المكتوبة، إنّما جاءت لعلاج ضعفنا البشري، وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: إن نعمة الله كانت كافية أن تعمل في قلوبنا ككتاب حيّ نقرأه، لكنّنا إذ لم نتجاوب مع نعمته التزم من أجل محبّته أن يقدّم كلمته مكتوبة.
ويرى القدّيس أُغسطينوس: إن الله قدّم لنا كلمته المكتوبة كمصابيح مضيئة تشهد للنهار الأبدي، قدّمها من أجل ضعفنا لتنير لنا نحن الذين كنّا " قَبْلا ًظُلْمَة ًوَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ " (أف8:5).
العبادة
وهى تشمل مجموعة من الطقوس تعبر عن روح الديانة ومعتقداتها، يجب معرفتها وإتمامها فالإنسان أياً كانت ديانته يتقرب إلى الله، بواسطة طقوس ورموز معينة، يتممها وسطاء، وبممارسة الإنسان لهذه الطقوس يكرم الله بعاطفته.
والحق إن أى ديانة تريد أن تغور فى أعماق النفس البشرية يجب أن تكون ديانة طقسية تُقدم المعانى الروحية فى مظاهر مادية، تجتذب انتباه الحواس وتهبها عزاء.. وهل ننكر أن الكنيسة منذ أن نشأت وهى تسير وفق نظم محددة وطقوس خاصة؟
الإنسان المتدين
أما الإنسان فلكي يكون متديناً، ينبغى أن يمارس الواجبات الأربعة السابقة، كما يتعين عليه أن يتمم شروطاً نذكر منها ثلاثة فقط:
الأول: أن يقبل الديانة كعلاقة شخصية مع الله، إذن كل ما يقدمه من واجبات يؤديها لله فإذا قدّم صدقة لفقير، فلايصح أن يفعل ذلك بعامل الشفقة على القريب أو بعامل حب الإنسانية فقط، بل لأن الله قد أمر بالعطاء " بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيّاً لَكُمْ " (لو41:11)، وإلا كان عمله بشرياً لم يُطيّب بالطيب الإلهي.
الثاني: أن يخرج من دائرة النظريات إلى دائرة العمل، فلا ينبغى أن نُحب الخير فقط بل يجب أن نمارسه أيضاُ، فالإيمان بدون أعمال ميت، ولهذا يقول معلمنا يعقوب الرسول: " إنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: امْضِيَا بِسَلاَمٍ اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا وَلَكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟ هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ " (يع2: 15-17).
الثالث: أن تتسم حياته بالروحانية، فلا يمكن أن يكون إنساناً باراً مالم يكن عابداً حقيقياً بالروح لله، ولهذا يوصى معلمنا القديس بولس الرسول أهل رومية قائلاً: " غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ " (رو11:12).
وقد وبخ رب المجد يسوع خادم كنيسة لاودكية لأنه كان فاتراً " هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي" (رؤ16:3).
والحق إن العبادة الشكلية، هى بمثابة نزع الروح من الجسد، ولا تقود الإنسان إلا إلى الكبت، الذى يعد خراب للشخصية، ونحن نعرف خطورة الضجر على الإنسان، ونعرف أيضاً كم أثر الفتور والاستهتار على المؤمنين بالسلب! ولهذا لا نتعجب إن صام إنسان صوماً روتينياً! ثم بعد انتهاء الصوم مارس حياة النهم حتى سقط فى خطايا بشعة..