مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

الأحد، 28 نوفمبر 2010

اللـه يُحبـّك


الله يُحبّك، هذه حقيقة، والدليل: إنّه ترك عرش مجده ونزل إلى أرض الشقاء، ليخوض بحر الآلام المضطرب بأمواج الشر... حباً فيك ورغبة فى خلاصك... ومع أنَّه الإله لم يطلب منَّا أن نأتي إليه أو نقترب منه، لكن محبته جعلته يتنازل ويقترب منّا ويحيا بيننا ويحتمل إهانتنا وتعييرنا..! فمنذ أن ولد وجد نفسه موضوعاً فى مذود، ملفوفاً بأرخص الأقمشة، يرضع ثدي امرأة فقيرة، ولا نعلم فى أية حالة كانت درجة معيشته فى بيت والديه وهو بعد طفل وصبى... ولا نعلم شيئاً عن الذهب الذي قدَّمه له المجوس، إلاَّ أننا نعلم مما رواه عن نفسه إنَّ: " لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " (مت20:8).
هل سألت نفسك مرّة لماذا خُلقت؟ إنَّ الله خلقك ليس لأنَّه في حاجة إليك بل لأنَّه يُحبّك! لقد تحمّل المسيح آلام نفسية وجسدية لا يُعبر عنها، وكلها تشهد بحُبّه، ففي بسـتان جثسيماني ابتدأ يحزن ويكتئب، وصار عرقه يتصبب كقطرات دم نازلة على الأرض... أما الذي جعل عرقه يتصبب هكذا إنَّما هو المحبة، لقد كانت كل قطرة تسقط على الأرض تكتب " أُحِبُّك " !
لو لم يكن الله يُحِبّك ما قبل أن يُعرى من ثيابه ويُجلد على ظهره وهو اللابس النور كرداء، ويرصّع ذيل ثوبه بالنجوم، ولا أن توضع قصبة فى يمينه ليسخروا بملكه وهو الملك الحقيقيّ، الذي ستخضع كل الشعوب لسلطانه، وسينحني كل ملوك الأرض أمام صولجان مجده، ولا أن يُبصق فى وجهه، الذي هو أبرع جمالاً من كل وجوه بنى البش .
إذهب بفكرك إلى الجلجثة، تلك البقعة الجرداء، التي ارتوت رمالها بدماء القتلى والمجرمين، وارفع عينيك، لترى ابن الله، الذي السماء والأرض مُعلّقة بكلمته، مُعلَّقاً هناك على خشبة، يصرخ متألماً من قسوة العذابات وشدتها.. فالدماء تملاً وجهه من آثار جروح إكليل الشوك.. وإذا نظرت إلى أسفل، لوجدت قطرات الدماء المنسكبة من موضع المسامير المغروسة فى يديه ورجليه، قد جرت على الأرض ونقشت عليها عبارة من كلمتين: (الله يُحِبُّك)، أمَّا جنبه المطعون فقد صار ينبوعاً انفتح ليُطهرنا، صخرة انفجرت لنشرب فنرتوي ونغتسل من آثامنا، مغارة فُتح بابها ليختبأ فيها الهاربون من شر العالم وقسوته..
قال أحد الآباء:
" الله محبّه هذا هو هتاف الملائكة على الدوام، وأغنية الأجناد السماوية على مرور الأعوام، ونداء حاملي بشارة الخير والسلام، هذا هو سراج القديسين فى السماء وأُنشودة المؤمنين، هذا هو لحن المتضايقين وغناء المتغربين، هذا هو أمل الخطاة ورجاء الصديقين، وإن كنَّا نشتهى أن ننطلق إلى السماء ، فليس إلاَّ لكي نرى الله المحبة، فالمحبة هى الشيء الوحيد الذي يُزين ويُنير السماء " .
اُُنظر إلى قلب الله، فهو الكتاب المفتوح الذي يجب أن تتأمل فيه على الدوام، لكي تتعلّم سر الطهارة، تبحّر فيه لتعرف أسرار الحكمة الإلهية، وادخل إلى عمقه فهو عزاء الحزين، كنز المحتاجين، ميناء المطرودين، اُُطلب هذا القليل من الماء لكي تعود إليك الحياة من جديد، فبدون ماء الحياة لا حياة ولا أمل فى الحياة ولا نمو ولا إخضرار.
جميل هو بستان الله، فكم يزداد جمالاً لو كنت وردة فيه، يتأمّل الله جمالها، وتتنسم الملائكة عبير رائحتها! إن هذا لن يتحقق إلاَّ إذا قدّمت توبة صادقة، وعدت إلى الله بكل قلبك.

الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

المسيحية ديانة سامية أسسها المسيح


لا يختلف إثنان على إن السيد المسيح هو الذى أسس الديانة المسيحية، ولكن من هو المسيح ؟
هل هو مجرد إنسان ولد وعاش وأخيراً قد مات ؟ أم معلم قدّم تعاليم جديدة ؟ أم هو نبي حمل رسالة ونفّذ مهمة إلهية؟

ذات يوم رأى سكان أورشليم موكباً كبيراً، فريداً، قادماً نحو المدينة، جماعة من الناس يسيرون في زحام شديد، والأغصان التي بأيديهم يلقونها تحت أقـدام راكب الأتان، ويعلو بالمدينة صوتهم المدوى، ويتردد صداه بين الجبال، وهم يصرخون قائلين: " أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! " (مت9:21)، ومازال يكثر الذين يصيحون ويعترفون بالسيد لمسيح ويجلجل صوتهم في العالم: " مبارك الآتي باسم الرب أوصنّا في الأعالي".

ويذكر الكتاب المقدس إن المسيح عندما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة " من هذا ؟ " (مت10:21)، وما تزال المدن حتى اليوم ترتج.. والعقول ترتج.. العالم كله يرتج ويقول: من هو هذا؟

وحين بدأ المسيح خدمته على الأرض، التفَّت حوله جماهير كثيرة.. وصارت تتبعه في كل مكان، وأحدث ذلك هزة، أخافت رؤساء الكهنة والكتبة والقادة، ولما وصلت أخباره إلى هيرودس الملك ارتاب وتعجب، إذ ظن أن المسيح هو يوحنا المعمدان !! ولهذا سأل في فزع وقلق " يوحنا أنا قطعت رأسه! "

إذن من هو هذا الكائن الفريد؟ الذى لم يرد في التاريخ من يشبهه!! قد تقول: نبى أو إنسان ولد وعاش ومات؟ لكن ولادته الجسدية كانت فريدة، فلم نسمع عن ميلاد إنسان بدون زرع رجل!! أو عذراء تلد بدون زواج وبعد أن ولدت ظلت عذراء كما هى!! ولولا أن إشعياء النبى قد تنبأ عن هذا الميلاد العجيب: " يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ (إش7: 14)، فما كان ممكناً لإنسان أن يصدقه!!

وعاش كل حياته بلا خطية! وقد قال مرة لليهود " مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ " (يو8: 46).


وكانت أعماله تدعو إلى العجب " وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقا ًفَقَطْ فَقَالَ لَهَا: لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا " (مت21: 18 –20).

وصنع معجزات خارقة، فوق قدرة البشر! فقد شفى المرضى وجعل العرج يمشون، والصم يسمعون، والعمى يبصرون، والخرس يتكلمون، والمفلوجين يتحركون.. حتى الطبيعة كانت تخشاه وتطيعه، فكان ينتهر الريح ويأمر البحر فيهدأ...

وغفر الخطايا التى لا يغفرها إلا الله " وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحاً عَلَى فِرَاشٍ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: ثِقْ يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ " (مت9: 2) وفى بيت سمعان الفريسى قال للمرأة الخاطئة: " مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ" (لو47:7).

وقد هزم الموت عندما أقام أمواتاً من الموت وأعادهم إلى الحياة فقد أقام: ابن أرملة نايين (لو7:11- 17) وإبنة يايرس )مت9: 8- 26) ولعازر (يو11: 1- 44) وأخيراً استطاع بقوة لاهوته أن يقوم من بين الأموات ويصعد إلى السماء!!

إنه معلم قدّم تعاليم جديدة تُلهب الروح حرارة، والجسد طهارة.. وفى تعاليمه لم ينقض الناموس بل أكمله (مت5: 17)، لقد علم بسلطان وتكلم بقوة (مت7: 29) ولم تكن تعاليمه كتعاليم الكتبة والفريسيين الحرفية، وأقواله كانت ذات سلطان حتى " بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ " (مت7:28، 29).

ونبي حمل رسالة سماوية، وتكلم الله به فهو الكلمـة " وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّ" (يو1:1- 14).

وقد لُقب بألقاب كثيرة منها ما يشير إلى لاهوته ومنها ما هو يشير إلى ناسوته، من بين هذه الألقاب الكثيرة: الناصري " وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاًً " (مت2: 23)، والمسيح " يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ " (مت1: 16)، وابن الإنسان " وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ " (يو13:3)، وابن الله " وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ " (يو6: 69).

ذات يوماً سأل المسيح تلاميذه من يقول الناس إنى أنا ابن الإنسان فقالوا: " قَوْمٌ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ" (مت16: 20) وبعدما سمع يسوع إجابة تلاميذه وجّه إليهم سؤالاً مباشراً " وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ " (مت16: 16).

أما توما فقال مرة " رَبِّي وَإِلَهي" (يو20: 28) ومرثا قالت: " أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ" (يو11: 27) والخصى الحبشي " أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ" (أع 8: 37) وبيلاطس البنطى وهو من أعداؤه والبعيدون عنه: " قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ" (لو23: 14) وقائد المئة "بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ بَارّاً " (لو23: 47) واللص اليمين على عود الصليب قال" أُذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ " (لو23: 42).

أما المسيح فقال عن نفسه " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (يو14: 6)، " أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11)، " أنَا وَالآبُ وَاحِدٌ " (يو10: 30) " قد دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ " (مت8:28)... آيات كثيرة قالها السيد المسيح وكلها تُعلن لنا من هو!!

ويعد حُبه أعظم أعماله " لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ " (يو3: 16).

وهو أيضاُ يخلصك، لأنه من أجلك جاء، ولخلاصك قد نزل من السماء، أتذكرون قول الملاك للرعاة يوم ميلاده "هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ " (لوقا2: 11).

كما أنه يبقى معى ومعك ومع الجميع " هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الذى تفسيره اللهُ مَعَنَا " (مت1: 23)، " هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْر ِ" (مت28: 20).