مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

السبت، 26 ديسمبر 2009

شهود ميلاد المسيح (2)

حنـّة النبية

رمز للإخلاص فى العبادة والالتصاق بالله عن حُب، لازمت الهيكل لا تفارقه قط، عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً، وفى الهيكل كم أحنت ركبتيها تمجيداً لخالقها! وكم سكبت ذبيحة صلواتها على مذبح الحب الإلهيّ عاشت بين جدران تسيل من حجارتها أصوات التسابيح والمزامير، وقد تعبّقت برائحة البخور، أرواح البشر تذوب فيها حباً لخالقها، فيها يشرب الإنسان من خمر السكينة والطمأنينة، لقد تجلى الهيكل متشامخاً في قلب أورشليم، وتجلى الله بحبه في قلب حنّة بنت فنوئيل، وهكذا يظل القلب الطاهر عرشاً لملك الملوك فالحوار بين السماء والأرضبين الله والإنسان لم ولن .

وأغلب الظن أن ضجيج الحياة، وصراع الغرائز، وتسلّط المادة، أشياء تشغل الإنسان عن سماع دقات الله في أعماقه! هل ندمت حنّة على سنين قضتها في الهيكل؟ لا! لا! لم يفشل القديسون ولم تخب آمال الأنبياء، ففي الهيكل عاشت مع الله، والله إيمان ورجاء، والعالم كفر وإلحاد، الله نقاء وعفاف، والعالم فسق وفجور، الله حق ووفاء، والعالم كذب ونفاق، فماذا خسرت بحياتها في الهيكل؟ وماذا لو عاشت في قصر تئن تحت وقع أسواط اللذة ونار الشهوات التي لا ينطفئ لهيبها؟ حيث يخلع البشر أثواب الحياء ويُغنّون للزمن ويسكرون بأصوات الطبول؟

يذكر الكتاب المقدّس عن حنّة أنَّها عاشت (84) سنة مُلازمة الهيكل (لو37:2)، فحوّلها الزمن إلى هشيم، وعزلتها هوة الشيخوخة عن البشر، وهجرها الأقارب والأصحاب، لأنَّها صارت من دنيا الأموات، ورقة صفراء عافها الشجر وهى تنتظر الخريف لتسقط، ولكن قبل الخريف أتاها الربيع بنسيمه العليل لتتنسم رائحة الحُب، فتنتعش روحها قبل أن تلفظ نفسها الأخير، لقد كانت تسكب اشتياقات قلبها على مذبح الحُب، تطلب من الله أن يجعل ملائكته تقص عليها حكايات الأزمنة والدهور، وتشرح لها خطة الأنبياء في نبواتهم عن المسيح ضمن السطور، وتكشف لها أسراراً استودعها في أناشيده داود صاحب المزامير، فقد حان لليالي السوداء الطوال أن تتمخض لتلد النور الذي اشتهت يوماً أن تراه وتكحل به عينيها، وقد كان ورأت النور!المجــوس أمَّا المجوس فهم طغمة كهنوتية علماء في الفلك والتنجيم، قضوا حياتهم في دراسة الظواهر الفلكية والحوادث المستقبلية وورد ذكرهم في سفر (دانيال2:2)بعد ميلاد المسيح جاءوا من المشرق ومعهم أكياس مليئة بالهدايا لذلك المولود، فقدموا ليسوع الذهب الذي سيذدريه، والبخور ليعلنوا أن طقوسهم الجوفاء على وشك الانتهاء، و المر الذي يُستخدم في تحنيط الأموات، لأنهم أدركوا موت ابن الإنسان! حوالي ألف سنة قبلهم جاءت ملكة سبا إلى اليهودية، تحمل الهدايا من ذهب وعطور، وقد وجدت على عرش إسرائيل سليمان الذي تلقنت منه أعظم التعاليم (1مل10)।.

المجوس

أمَّا المجوس ولهم من العلم والحكمة والشهرة أكثر مما للملوك والرؤساء، لم يجدوا سوى طفل صغير عاجز عن الحوار، ومع ذلك سجدوا تحت قدميه، طارحين على الأرض تيجانهم، ومقدمين هداياهم من ذهب ولبان ومر، في بلاد فارس لم يكن المجوس هو الملوك، بل معلمي الملوك فهم الذين يقودون الحكام، ويقدمون الذبائح، ويفسرون الأحلام، ويتنبأون بالغيبولم يكن ملك يقرر إعلان حرب إلاَّ بعد استشارتهم، وبصفتهم العارفين أسرار السماء والأرض، كانوا يُسيطرون على أبناء جنسهم باسم الدين والعلم، وكانوا بين شعب لا يعرف سوى الجسد أو المادة يمثلون جانب .

ولذلك كان لابد أن يسجد هؤلاء أمام المسيح، فبعد البهائم ممثلة الطبيعة، والرعاة ممثلون عامة الشعب، كان على سلطة المعرفة أن تسجد أمام مغارة بيت لحم، وبذلك أعلنت طبقة الكهنوت العريقة خضوعها للكاهن والمُعلّم الأعظم، الذي كان على الأمم الوثنية أن تتقبّل رسالته الجديدة، إنَّ سجود المجوس للسيد المسيح يعني، اعتراف علماء
اللاهوت القدامى بالمسيح وإيمانهم بلاهوته، وجثو المعرفة أمام البراءة، وارتماء الثروة عند أقدام الفقر يرى البعض أنَّهم كانوا كثيرين، يتقدّمهم ثلاثة فقط وهم الذين يحملون الهدايا، ولهذا السبب اضطرب هيرودس وجميع أورشليم معه (مت3:2)، والكنيسة تعتقد أن عددهم (12) وقد قال القديس يعقوب الرهاوي أنَّهم كانوا (12) ومعهم أكثر من ألف آخرين।والكنيسة اللاتينية تعد مجوساً ثلاثة أسماءهم هى:كسبار وملكيور وبلتازاروقال أنَّهم كانوا (8)، مستندين في ذلك إلى ما جاء في سفر ميخا النبيّ: " وَإِذَا دَاسَ فِي قُصُورِنَا نُقِيمُ عَلَيْهِ سَبْعَةَ رُعَاةٍ وَثَمَانِيَةً مِنْ أُمَرَاءِ النَّاسِ (مي5:5)।

ليست هناك تعليقات: