كان أعمى منذ ولادته، لم يرَ الحياة سوى ليل أسود، طلع فيه القمر ناقصاً وظهر بين النجوم كوجه ميت شاحب غارقاً في المساند السوداء بين شموع ضئيلة تحيط بنعشه! في ساحة المدينة كان يجلس للتسول،
والسكينة العميقة تخيم على صدره، كأنها كف ثقيل ألقته الظلمة على جسده، لقد خرج الأعمى من ظلمة الأحشاء ليحيا في ظلمة الحياة، خرج من بطن أمه خروج آدم من الفردوس، ولكن حواء قلبه لم تكن بجانبه، لتخدمه وتجعل له العالم فردوساً.
.
والسكينة العميقة تخيم على صدره، كأنها كف ثقيل ألقته الظلمة على جسده، لقد خرج الأعمى من ظلمة الأحشاء ليحيا في ظلمة الحياة، خرج من بطن أمه خروج آدم من الفردوس، ولكن حواء قلبه لم تكن بجانبه، لتخدمه وتجعل له العالم فردوساً.
.
وهكذا عاش الأعمى يُسـيل أحلامه على الطريق، ويكاشف طيور السماء آماله وآلامه، تنتظر مجئ البار الذى أمم ويفتح عيون العميان (إش6:42) وها ساعة مجيئه قد اقتربت وكل شئ قد أُعد لاستقباله، وفى بيت لحم ينبثق النور وبسرعة ينمو الطفل نمو الهلال إلى أن صار قمراً، وكالبرق يتناقل الناس تعاليمه الجديدة ويتأملون معجزاته الفريدة.
.. ويأتي المسيح إلى أورشليم ليدشن رسالة العهد الجديد، ويمر والأعمى جالس فوق مستنقعاته، يُحاكى الزمان آلامه، ويمد يده يريد نوراً وحياة! وقد جاء النور ليمنحه الحياة ويفتح له أبواب السماء، ويتفل يسوع على الأرض، ويصنع من التفل طيناً يطلى به عينى ذلك الأعمى.
وينقسم الناس بين مؤيد ومعارض، ويشتد الصراع بين النور والظلمة، وتنتصر الظلمة ولكن إلى حين! فيُطرد الأعمى من المجمع! فما كان على يسوع إلا أن يعمل من قلبه مجمعاً له،
لقد امتلأت عيني الأعمى بنور الحياة وقلبه بنور الحب، فتحول الليل بظلامه إلى وشاح من نور يستر كل حواسه، وتحول هو إلى شعلة مقدسة من نور ونار،
لم تنطفئ حرارتها ولم تختفِ أشعتها، فأصبح النور يتكئ في عينيه، ويملا أُذنيه، ويسيل على شفتيه، ولم يبقَ سوى أن يشيع النور في كل مكان!
لقد امتلأت عيني الأعمى بنور الحياة وقلبه بنور الحب، فتحول الليل بظلامه إلى وشاح من نور يستر كل حواسه، وتحول هو إلى شعلة مقدسة من نور ونار،
لم تنطفئ حرارتها ولم تختفِ أشعتها، فأصبح النور يتكئ في عينيه، ويملا أُذنيه، ويسيل على شفتيه، ولم يبقَ سوى أن يشيع النور في كل مكان!
فمن كان يظن أن المتسول الذى كان يقتات خبز الاستحسان، يتجول بين الناس ليجود بنور المسيح على المساكين ويكحل به عيون العميان! آمن الأعمى بالمسيح وتبع النور فقاده من الصحراء القاحلة إلى حقول تنبت أزهاراً حيث لا تنفث الثعابين بأنفاسها، وهو الآن يتمنى أن يُعطى عينيه لكل من فقد الإيمان ليرى بهما النور،
ويُقرض قلبه النوراني لكل لمن قاسى آلاماً، وبيده مسح دموع حزانى، وبساقيه سار على درب الحياة، ساكباً دمه في تربة الإنسانية لتُنبت ورود المحبة! إن كل ما في يقظة الربيع
من جمال يجتمع بين أضلع الرجل الذى حُرم النظر ثم أعطاه الله نعمة النور، إذ لا يوجد نوراً أشد سطوعاً وأكثر لمعاناً، من الأشعة التي يبعثها الله في عيني إنسان ولد أعمى! وهكذا تحول الخيال إلى حقيقة والحلم إلى يقظة، وأصبح الأعمى يعانق النور لا الظلمة، ويرتوى من جداول الماء لا الأحلام.
ويُقرض قلبه النوراني لكل لمن قاسى آلاماً، وبيده مسح دموع حزانى، وبساقيه سار على درب الحياة، ساكباً دمه في تربة الإنسانية لتُنبت ورود المحبة! إن كل ما في يقظة الربيع
من جمال يجتمع بين أضلع الرجل الذى حُرم النظر ثم أعطاه الله نعمة النور، إذ لا يوجد نوراً أشد سطوعاً وأكثر لمعاناً، من الأشعة التي يبعثها الله في عيني إنسان ولد أعمى! وهكذا تحول الخيال إلى حقيقة والحلم إلى يقظة، وأصبح الأعمى يعانق النور لا الظلمة، ويرتوى من جداول الماء لا الأحلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق