إنَّ الرمزيّة هى اللغة الطبيعية للخليقة، فليس أحد علّم الحيوان المقتنص أن يصرخ، ولا الرضيع المريض أن يبكي، ولا الرجل المتألم أن يتنهد.. ومن الملاحظ أنَّ الناس عامة يبتسمون في حالة السرور، لكنهم يُكشّرون في حالة الحزن، وفى حالة الموافقة على شيء، نجد خفض الرأس علامة شبه متفق عليها، أمَّا تحريك الرأس من جانب إلى آخر فيُشير إلى الرفض، كما أنَّ هز الكتفين منظر مألوف، لإظهار أنَّ الشخص لا يرى أو لا يفهم ما نتحدث عنه، وإظهار الأسنان يُشير إلى العداء، واليدان المفتوحتان ترمزان إلى النزاهة.
وتتجلّى الرمزيّة بكل وضوح في سفر النشيد، الذي يتحدّث عن علاقة المسيح بكنيسته بأُسلوب رمزيّ، ولا يمكن أن يُفسر إلاَّ بطريقة رمزية، فالآيات التي تربط بين الأُخت والعروس مثل: " أُخْتِي الْعَرُوسَ!! " (نش12:4)، أو " يَا أُخْتِي يَا عَرُوسِي !! " (نش9:4)، يعجز التفسير الحرفيّ عن تفسيرها، إذ كيف يمكن لإنسانة أن تكون أُخت وزوجة في وقت واحد؟!
أمَّا من الناحية الرمزية فالسيد المسيح دعاها أُخته، لأنَّه قد أخذ طبيعتنا البشرية عند تجسّده فصار أخاً لنا، ولأنَّه كما قال: " مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي " (مت5:12)، أمَّا دعوته الكنيسة بالعروس، فذلك لأنَّه دخل مع الكنيسة في زيجة روحية لا تنفصم إلاَّ بالموت.
حتى في شكل الكنيسة تظهر الرمزية، فحينما تُبنى الكنيسة على شكل صليب، فهذا يُعلن عن طبيعة الكنيسة السرية كجسد المسيح المصلوب، والشكل الدائريّ يرمز إلى طبيعة الأبدية التي حملتها الكنيسة عن الله، وإذا اتخذت الكنيسة شكل السفينة، ففي هذا إشارة إلى فُلك نوح رمز الخلاص.
البلح
هذا وقد امتدت الرمزية إلى الحياة المسيحية لتشمل مأكولاتهم، فما أن يأتي عيد النيروز حتى نتذكّر البلح والجوافة، وما يشيران إليه من معانٍٍ روحية..
فالبلح في لونه الأحمر يُذكّرنا بدم الشهداء، الذي قد سُفك حُبّاً في فاديهم، الذي سبقهم بأن سفك دمه حبا فيهم ورغبة في خلاصهم
والبلح من الداخل لونه أبيض إشارة إلى نقاوة قلوب الشهداء.
وحلاوته البلح تُذكّرنا بحلاوة الإيمان الذي يهب قوة وسلام وفرح وعزاء..
أما صلابة نواة البلح فتُذكّرنا بصلابة الشهداء وتمسّكهم بإيمانهم المستقيم حتى الموت..
الجوافة
والجوافة في لونها الأبيض تُشير إلى نقاوة قلوبهم وحسن سيرتهم.
كما أنَّ الجوافة إذا قطّعت بطريقة دائرية، ظهر صليب من البذار على كل قطعة نقطعها، والصليب يرمز للألم الذي احتمله الشهداء.
ولا ننسى أن الجوافة تتميز ببذارها الكثيرة وفي هذا إشارة إلى كثرة عدد الشهداء ولهذا يقول المؤرخ " شاف Schaff" : لو أن شهداء العالم وضعوا في كفة ميزان وشهداء مصر في الكفة الأخري, لرجحت كفة المصريين
الاثنين، 12 سبتمبر 2011
البلح والجوافة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق