شـجرة الميـلاد
يتساءل البعض عن مصدر شجرة الميلاد، ومع أنَّه لا توجد سجلات خاصة بهذا الموضوع، إلاَّ أنَّ هناك قصة بديعة تأتينا من ألمانيا تحكي عن حارس من حراس الغابات عاد إلى بيته مبكراً ليلة عيد الميلاد ، وكان البرد قارصاً للغاية، فأغلق باب داره وجلس هو وزوجته وابنه "هانز" يستدفئون حول النار، وبعد قليل وعلى غير انتظار سمع قرعاً على الباب، ولمَّا فتحه وجد ولداً صغيراً حافيّاً جائعاً برداناً، فأدخله وأجلسه إلى جانبهم، وبعد العشاء صمم " هانز" على أن ينام الصغير في سريره، وفى الصباح استيقظت الأُسرة على أناشيد ملائكية عذبة، فلمَّا تفرَّسوا في ضيفهم إذا بوجهه متجلياً.
لقد كان يسوع الطفل! وعند باب الدار اقتطع فرعاً من شجرة تنوب وغرسها في الأرض وقال لهم: اُنظروا لقد تقبّلت ضيافتكم بفرح وهذه هديتي لكم، فمن الآن ستحمل هذه الشجرة ثمرها في موسم الميلاد، وتظل خضراء على مدار السنة، وسيتوفر الخير عندكم دائماً، فحق على هانز وأبويه قول المسيح: " بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ " (مت40:25).
ومذَّاك- وبالتحديد من سنة 1605م- انتشرت العادة في ألمانيا أولاً ومنها إلى بقية الدول الأوربية فالأمريكية، ثم إلى الشرق بإقامة شجرة وتزيينها وإضاءتها، وقد عُرفت باسم " شجرة الميلاد "، وبجانب الشجرة يُزين كثيرين في الغرب منازلهم بوضع أكاليل مصنوعة من نبات يُسمّى " مثلو" على الأبواب.
ومن المؤكد حسب الوثائق التاريخية العديدة، أنَّ رمز الشجرة عرفتها شعوب كثيرة منذ القدم، ففي آسيا الصغرى كانوا يحتفلون في تاريخ معين من كل عام، بنزع شجرة قديمة ووضع شجرة جديدة مكانها، وفي روما كانوا يحتفلون في شهر ديسمبر بتزيين المنازل بالأشجار الصغيرة والأوراق.
أمَّا في العصر الحديث فتقليد شجرة الميلاد، وتزيينها بالألعاب والشموع وقطع الحلوى، لم ينتشر في جميع أنحاء أوربا إلاَّ ابتداء من (ق 16م)، أمَّا انتقال هذا التقليد إلى أمريكا بعد اكتشافها فقد تم في نهاية (ق 18م) على يد جنود ألمان، كانوا يحاربون إلى جانب الإنجليز أثناء حرب الاستقلال، ولم تدخل شجرة الميلاد إلى تقاليد البيت الأبيض إلاَّ في عام (1890م).
المغـارةهذا عن الشجرة ، أما المغارة فقد ابتكرها القديس الإيطاليّ " فرنسيس الأسيزيّ " وكان يهدف من إقامتها قرب مدخل الكنيسة في قريته إلى توجيه العيون، وبالتالي القلوب إلى ما أحاط بالميلاد العجيب من فقر.. وقد بدأ عمله هذا سنة (1224م)، فقد جاء فى سيرة القديس فرنسيس الأسيزيّ:
إنَّه كان يرغب أن يرى الطفل يسوع في فقره كما ظهر يوم ميلاده.. فأقام مغارة فى غابة " جريتشو" ليُحيى ذكرى الميلاد بطريقة جديدة يبقى أثرها عالقاً بالأذهان، ومطبوعاً في القلوب.. وفي المغارة بنوا المذود وملؤه بالعلف، وحول المغارة رُبطا ثور وحمار في هدوء وخشوع، أمَّا المذبح الحجري فوضع في الوسط..
فلمَّا جاء يوم العيد خرج الناس أفواجاً من المدن والقرى، وصعدوا الطرق الصخرية المؤدية إلى المغارة، حاملين المشاعل والشموع وهم ينشدون ترانيم الميلاد الجميلة.. ثم جاء الرهبان في طوابير طويلة من صوامعهم القريبة والبعيدة، حاملين الشموع ويرتلون المزامير، فلما وصلوا إلى المغارة ُصلوا مع الشعب الصلوات الخاصة بالعيد.
فلمَّا جاء يوم العيد خرج الناس أفواجاً من المدن والقرى، وصعدوا الطرق الصخرية المؤدية إلى المغارة، حاملين المشاعل والشموع وهم ينشدون ترانيم الميلاد الجميلة.. ثم جاء الرهبان في طوابير طويلة من صوامعهم القريبة والبعيدة، حاملين الشموع ويرتلون المزامير، فلما وصلوا إلى المغارة ُصلوا مع الشعب الصلوات الخاصة بالعيد.
أمَّا السماء فأعلنت فرحتها بهذا الحدث العظيم، فها القمر يسبح في زهو فريد، والنجوم من حوله تُرسل ضوءها الخافت في استحياء، وعلى بُعد كانت قمم الجبال تكسوها الثلوج البيضاء ويغمرها النور، وما أجمل النور الذي ينبعث من حول المغارة، من النار التي أضرمها الناس ابتهاجاً بالعيد.. فهل من عجب إن قلنا إن السماء والأرض تعانقا في هذا اليوم العظيم!
لقد أُعد كل شئ بعناية فائقة وقبل أن يُقدّم الكاهن الذبيحة، دخل فرنسيس المغارة مرتدياً زي الشماسية، وسجد في خشوع ولبث فترة يُصلى.. وبعد انتهاء القداس ألقى القديس فرنسيس عظة مؤثّرة، فخرج الناس وهم يبكون من شدة تأثّرهم، وعادوا إلى بيوتهم والسعادة تغمر نفوسهم، لأنَّ يسوع ولد في قلوبهم من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق