عندما نتحدَّث عن التردد، فنحن في الحقيقة نتحدَّث عن شيء كامن فى أعماق
طبيعتنا البشريّة الساقطة، التي تحمل الثنائيّة في أعماقها: الخير والشر، القوّة
والضعف، الإقدام والتردد، الفرح والحزن.. وهى كثيراً ما تخشى التغيير رغم أنَّها
تريده وتسعى إليه بمداومة، لأنَّ الجديد كثيراً ما يربكها!
حقاً إنَّها مأساة أن يحيا الإنسان متردداً، ويجد صعوبة بالغة في
اتِّخاذ قراراً في حياته، أو يلجأ لغيره ليتَّخذ له قراره، ولكن سواء أردنا أو لم
نرد يجب علينا أن نحيا تلك التجربة المريرة، وأعتقد أننا كثيراً ما نتردد مترنِّحين
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار! مختبرين ألم التردد الذي يشعرنا بضعفنا ويؤكِّد قدرتنا
المحدوة.
معنى التردد
أن تكون متردداً يعني أنَّك غير قادر على إتِّخاذ قرار إيجابيّ في
حياتك، سواء فى مشكلة أو موقف ما.. وتأتي كلمة تردد " hesitation
أو reluctance " بمعنى: عدم الرغبة،
فالإنسان الذي يُعاني من التردد، لا تكون لديه رغبة كاملة في إتِّخاذ قرار هام في
حياته.
والتردد له علاقة وثيقة بذهن الإنسان عندما يرفض أيّ فكر جديد، خوفاً
من أن يطرأ على حياته تغييرات لم يألفها! أو يجد نفسه مضطراً أن يتَّخذ قرارات لا
يُدرك عواقبها.. وهذا يبدو واضحاً في الشخصيَّات التقليديّة التى تتمسّك بالحرف
والشكل.. أمَّا الروح أو الجوهر فبعيدة كل البعد عنه! وبهده الطريقة فإنَّ ترددنا
فى فعل شيء ما أو التفاعل معه أو احتوائه.. يجعلنا فى حالة ركود ويؤدِّي بنا إلى
التقهقر، وأعتقد أننا رأينا التردد عندما ظهر الكمبيوتر والمحمول والدش.. والآن
أصبحت هذه الوسائل من مستلزمات الحياة التي لا غنى عنها، بل صارت في متناول أيدي
الأطفال!
نعترف بأنَّ التردد آفة نفسيّة وفكريّة.. ما أشر ضررها، إذ تجعل
الإنسان يحيا في وساوس لا حصر لها، خوفاً من أن يتَّخذ قراراً خاطئاً يؤثِّر علي
حياته ويقضي على مستقبله، وهو بذلك يجعل الإنسان أشبه بقطعة خفيفة من الفلِّين على
سطح الماء، تكون قريبة من الشاطيء وفي لحظة تقذفها الأمواج بعيداً! ولهذا لا يمكن
للشخص المتردد أن يستقر ويصل إلى هدفه ما لم يتحرر أولاً من تردده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق