مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

التردد بين الإيجابية والسلبية

التردد بين الإيجابية والسلبية
إنَّ التردد كثيراً ما يكون نوع من أنواع الأسلحة الذاتيّة الآمنه، لمواجهة شيء ما نحن غير متأكِّدين من نتائجه، ولهذا نُخطيء كثيراً عندما ننظر إلى التردد على أنَّه حالة من التفكير السلبيّ، قد تضر بالإنسان لكننا نؤكِّد أنَّ التردد ليس عائقاً في كل الأحوال، بل إنَّه كثيراً ما يكون مفيداً عندما يكون وسيلة لتفكير أعمق وأدق خاصة في القرارات المصيريّة كالزواج أو الرهبنة.. لأنَّ الحياة أثبتت أنَّ كل الذين تسرَّعوا وتزوَّجوا بدون صلاة ودراسة فشلوا في حياتهم الزوجيّة، وعاشوا يئنون من كثرة المشاكل وعدم الانسجام، وهكذا من دخلوا الأديرة في حالة نشوة روحيّة، عانوا ولم يحتملوا تجارب الرهبنة.
نؤكِّد أنَّ الإنسان يسير في الحياة إمَّا بقلبه أو عقله، والحكيم هو من يجعل عقله سياجاً لقلبه، والعقل كثيراً ما يوافق على شيء ثمَّ يرفضه بعدما يكتشف ما هو أفضل، والتردد في مثل هذه الحالات هو سمة طبيعيّة للعقل الذي يبحث بمداومة عن الأفضل، فيتعرّف على البدائل المتوقِّعة والمتاحة، ويدرس الموضوع بعمق من عدَّة جوانب، وربما يتبع ذلك استشارة ذوي الرأي وأصحاب الخبرة في الموضوع الذي يشغلنا، وهذا لا يُقلل من شأن الإنسان بل يُزيده رفعة، ولا ننسى أنَّ: الذين بلا مرشد كأوراق الشجر يسقطون.
ولكن فرق شاسع بين إنسان يُفكِّر بعمق، فيدرس ويستشير ليتَّخذ قراراً في حياته، وبين إنسان متردد يُغير قراراته ولا يستقر على حال. وهو لا يقتنع بأفكاره ولا يعمل بآراء الآخرين!
 والحق إنَّ الإنسان يريد أن يُغيّر بيئته، ويُشكّل العالم من حوله، فهو يريد أن يعلو على عالم الواقع، ويتحرر من قيوده عن طريق الاختراعات ففي وسع كلٍ منَّا أن يُعدّل من تراثه البشريّ، لأننا نملك قدرات هائلة تجعلنا نتخطى وضعنا باستمرار، وهذا يتطلب منَّا قرارات حاسمة قد تدفعنا إلى الأمام أو تجذبنا إلى الخلف، ولهذا يجب أن يتأنَّى الإنسان في اتِّخاذ هذه القرارات ويُفكر ويستشير، والتردد في مثل هذه الحالات غير ضار بالإنسان بل التسرّع هو الذي يمكن أن يضرّه ويقوده إلى الانهيار.
وكلَّما ازداد ذكاء الإنسان كان أكثر حرصاً في اتِّخاذ قراراته، وعمقاً في التفكير والتأمُّل في العواقب والنتائج المتوقّعة، وعلى العكس من ذلك كلَّما انخفضت درجة الذكاء كان الشخص مندفعاً بل متهوِّراً في قراراته، يفعل الأشياء دون تفكير، فالشخص الغبيّ لا يعرف أن يُفكّر بطريقة إيجابيّة تقوده إلى حياة أفضل، وبالتالي يفعل ما يطرأ عليه من أفكار، وهو بذلك لا يعرف التردد ولا يفهم أضراره.
 كان هذا هو الوجه الإيجابي في التردد، الذي يقود الإنسان إلى أفضل القرارات التي تقوده إلى حياة أكثر سعادة، أمَّا الوجه السلبي فيظهر بوضوح في الشخصيات الضعيفة والخجولة والتي تعاني من الوسواس القهريّ، وهو مرض نفسيّ يدفع بالإنسان إلى التردد في كل صغيرة وكبيرة، بل قد يصل المريض إلى درجة أنَّه يغسل يده عدَّة مرات بعدما يصافح غيره لأفكار يتوهمها وهى لا تمت للواقع بشيء!
وهكذا يصبح التردد مصدراُ للألم، وقيداً للنمو والتقدم، ومعوِّقاً فى العلاقات الإنسانيّة، فالناس تحتاج شخصيَّات متزنة تتعامل معها، ويجعل التردد الإنسان عاجزاً أن يتِّخذ قرارات مهمة في توقيتها المناسب، فعنصر الزمن هام في الحياة التي تسير بقوة، وبالتالي هناك أشياء تحتاج للحسم في توقيتات مناسبة، فإذا تركنا أنفسنا للتردد بلا ضابط، فإننا نضيع على أنفسنا فرصاً كثيرة قد تغيّر مستقبلنا، وأعتقد أن كثيرين أضاعوا عليهم فرص عمل ناجحة وزيجة أفضل بسبب ترددهم.
ويمكن لنا توضيح الفرق بين التردد الإيجابيّ والسلبيّ، في هذا الجدول على النحو التالي:

المصطلح
التردد (رغبه كاملة)
التردد (عدم الرغبة)
التعريف
التردد بين اختياران هامان أرغب كلاهما معاً لأنَّهما نافعان لي.
التردد فى اختيار هام نافع لي.. ولكني في نفس الوقت لا أرغبه.
المثال
شخص قد أوشك أن يحقق أُمنيته في الحياة ويحصل على الدكتوراة وفجأة أتته فرصه قد تمناها وهى العمل فى الخارج بمرتب كبير.
إمرأه لوط البار تريد أن تستقر فى سدوم وعموره، رغم ما فيها من فساد سيؤدي إلى هلاكها، ورغم أنَّ الله يريدها أن تخرج!
تفسير  المثال
1 – الحصول على الدكتوراة فى مصر.
2 – وفى نفس الوقت  السفر والعمل بالخارج
" هنا نشـــأ تردد "
1 – ارادة الله فى أن تخرج المرأة.
2 – عدم رغــبة إمراة لوط فى الخــروج
" هنا نشـــأ تردد "
وصف التردد
تردد أيجابيّ
تردد سلبيّ

ليست هناك تعليقات: