مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

السبت، 8 ديسمبر 2018

الحـــب الإلهــي


الحـــب الإلهــي
هل أستطيع أن أتحدث عن الله أو أصف حبه ؟! لابد أولاً أن أُطهر شفتى بالنار المقدسة، وأزيح عن قلمى تلك الغبار الملوثة، وأشد أوتار قلبى الذهبية وخيوط أفكارى الفضيةلكى تعطينى القواميس الإلهية كلمات روحية ذات أحرف نورانية، أصف بها حب ربى.

كيف أُصور شعلة روحانية، تنبثق من قدس الأقداس، لتسقط على الخليقة كلها، لا تميز بين بار وشرير؟! أو أصف نهـراً بلورياً يسير متدفقاً، مترنماً، حاملاً في أعماقه أسرار السماء؟! أو أتحدث عن شعلة سمائية مقدسة، تلتهم الهشيم وتنير الطريق أمام الضعيف والبائس والمسكين؟!

من يستطيع أن يصف شمس البر وهو يختفى فى صدر الحياة المظلمة؟! أو زهرة السماء وهو يُسحق تحت الأقدام القاسية؟! أو شجرة الحياة  المثمرة، وهو يٌقطع من أرض الأموات، لكى تحيا البشرية المائتة بموته؟! أخشى أن تصير كلماتي كخيوط العنكبوت الواهية، أو كأوتار قلب ضعيفة لا تُعطى نغمات جيدة.

 أمام عظـم محبته، يترك الفلاسفة كهوفهم المظلمة، والمفكرون صوامعهم الباردة، والشعراء أوديتهم الخيالية، ويقفون جميعهم على جبلٍ عالٍ، صامتين مصغيين، إلى صوت الحب وهو يقول لقاتليه : " يا أبتاه أغفر لهم " !!
وهكذا تحولت الكلمات في فمي إلى ألفاظ متقطعة، والأنغام في صدري إلى سكينة، فقلت أُسكت يا قلمي فمن أنت حتى يسمعك الفضاء الهواء المثقل بالهموم والعويل، ولكن أى إنسان لم يرتشف من كأس حبه في إحدى كاساته ؟ أى زهرة لم يسكب الصباح قطـرة من الندى بين أوراقها؟

إن شعلة نارية أوقدتها السماء بين رماد قلبى وقد ألهبت قلبي، وما علىّ إلا الكلام ولماذا نصمت كالموت الأخرس وأنفاس الحياة لا زالت فينا ؟! ألم يقـل الكتاب: " أما سر الملك فخير أن يُكتم وأما أعمال الله فإذاعتها والاعتراف بها كرامة " (طوبيا12: 7)!

حتى وإن ابتلعت اللجة نغمة العصفور، ونثرت الرياح أوراق الورود، وسحقت الأقدام كأس البركة.. فالشعاع الذى أنار قلوبنا لهو أقوى من الظلام ! وإن فرقت العاصفة الهوجاء على وجه هذا البحر الغضـوب أقوالنا، فالألوان الطاهرة على الشاطئ الهادئ سوف تجمعنا، وإن قتلتنا الحياة فذاك الموت يحيينا !

ليست هناك تعليقات: