مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

الخميس، 6 ديسمبر 2018

قصة مريم وميلاد المسيح


قصة مريم وميلاد المسيح
بدأت آلام البشر بمعصية حواء ومخالفتها لوصية الله (تك6:3)، لقد تناولت الكأس من يد الشيطان لترتوي بماء السعادة، فكان في الكأس سُم أمات فيها حياة النعمة والبراءة والطهارة.. فخُدعت حواء ووجدت نفسها عارية من كل برٍ، وطُردت من فردوس النعيم، فخرجت تبكى عهد الحب، يوم أنْ كان الفردوس حديقة غنَّاء.
وتحبل حواء بالمعصية فتلد الكبرياء والحقد والغيرة والكراهية.. وشهدت بكرها قايين يحسد أخاه البار هابيل ويقتله حسداً غدراً (تك8:4)! ورأت الظلم يطغي على العدل، والكبرياء يدوس التواضع، والقوي يحتقر الضعيف، والغنى يبتز الفقير، وهالها منظر المتمردين وهم يقتلون الأبرياء، وعرفت مرارة الخطيّة، وذاقت آلام المرض والموت، فبكت حواء على معصيتها التي غرستها في أرض لم تُثمر سوى بشرية بغيضة تنتشي بمناظر الدماء!
وتلد حنَّة زوجة يواقيم زهرة عطرة فى بستان الحياة، وتنمو الطفلة نمو الهلال إلى أن صارت قمراً، ويأتيها جبرائيل الملاك، يحمل لها أعظم رسالة وأجمل بشرى وقد كان! وَوَلَدَتْ مريم الطفل يسوع!
ويحملها ابنها المحمول في بطنها على أجنحة حبه لزيارة نسيبتها أليصابات ليتقدَّس يوحنَّا المعمدان وهو لايزال جنيناً في بطن أُمه، فلمَّا رأتها العجوز امتلأت من الروح القُدُس، وارتكض الجنين في بطنها ابتهاجاً بالإله المتجسِّد المحمول في بطن مريم (لو1: 39- 45)!
ويصدر الأمر من أُغسطس قيصر بإحصاء رعاياه في أنحاء المملكة الرومانيّة، كوسيلة لجمع الجزية وأيضاً لقهرهم وإذلالهم! فصعد يوسف من الناصرة إلى بيت لحم ليكتتب مع مريم امرأته (لو4:2)، وهذا الصعود إعلان أنَّ المسيح قد نزل من السماء ليرفعنا من الأرض إلى السماء.
وينطلق الجميع، كل واحد إلى مدينته، وكانت النساء تلفّهم الأوشحة السوداء وكأنهم ليل يسير في بطء شديد، والرجال قد أحنى الفقر أعوادهم، وعلى مشارف بيت لحم اليهودية تفرَّقت العائلات، فهناك من ذهبوا إلى أقاربهم، ومن مَلَكوا بعض المال ذهبوا إلى الفنادق ليجدوا راحتهم، أمَّا يوسف ومريم فمضيا إلى مغارة على أطراف المدينة! فقد كانت بيت لحم تُحيط بها المغائر والكهوف، وكان الناس يتركون فيها بهائمهم في مواسم التجارة والأعياد..
وفى لحظة لن تتكرر صرخ طفل ليس له قط نظير (لو7:2)، معلناً عن مجيئه إلى عالمنا ليفصل بين زمنين! 
وتهرب مريم إلى مصر من وجه هيرودس الطاغية (مت13:2)، لكنَّ الأيام تتعاقب وتعود إلى أرضها، وينمو الصبيّ ويعمل في النجارة صناعة أبيه، لكنَّه لا يلبث طويلاً في تلك الحِرفة، لأنَّه ينبغي أن يكون في ما لأبيه، في الهيكل يُعلِّم الناس أسرار ملكوت السموات (لو49:2).
ويُدشِّن يسوع العهد الجديد بمعجزة ألا وهى: تحويل الماء خمراً في عرس قانا الجليل بناءً على طلب أُمّه (يو2: 1-12)، فأعادت مريم تلك الينابيع، التي حوّلت حواء خمرها ونعيمها إلى ماء مُرْ، أعادتها صفاءً ونقاءً! وهكذا عاش يسوع جميلاً كنسمات الربيع، وكانت عيناه كالعسل ممتلئتين بحلاوة الحياة، وكان على فمه عطش قطيع الصحراء لبُحيرة الماء، فهو يُريد أن يُعلِّم ليجتذب إليه أبناءً للملكوت.
ويموت البار من أجل الأثمة (مت50:27)! وتلفَّه مريم بلفائف حبها كما قمَّطته في المذود بأقمطة حنانها، لقد مضى يسوع وانتهت المعركة بين النور والظلمة، وأعطى كوكب الصبح نوره، ووصلت السفينة إلى الميناء بسلام، ويسوع الذي اتكأ على قلبها يتموّج في الفضاء.
وتعود مريم إلى أورشليم متكئة على ذراع ابنها يوحنَّا (يو27:19) كما لو كانت حققت كل آمالها في الحياة ولا يبقى سوى أن تبدأ رسالة جديدة، رسالة الأُمومة، فيسوع في حاجة إلى إخوة كثيرين بالروح، فدخلت مريم البيوت لترفع من شأن المرأة وتقوّي إيمانها، وتُودِعْ طهرها الشبان والشابات، وتُعلّم البسطاء حقائق الإيمان.. فهجر الناس بيوتهم وباعوا ممتلكاتهم ووزعوا أموالهم ليكرزوا بالإنجيل، وأصبحت صورتها تحرس البيوت وأيقونتها تُزيِّن الصدور.


ليست هناك تعليقات: