مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

السبت، 8 ديسمبر 2018

قديسون عاشوا في الدير المحرق - القمص بيشوي الحبشي


القمص بيشوي الحبشي
عاصرناه في الدير فرأيناه بسيطاً، ناسكاً، محباً للصلاة والكنيسة، متشفعاً بالقديسة مريم.. وإن كان قضى سنوات كثيرة من حياته خارج الدير، إلاَّ أنّه كان محبوباً من الرهبان والعلمَانيين مثل سائر الرهبان الأحباش في مصر، وقد أعطاه الله مواهب روحية كثيرة، إنّه القمص بيشوي الحبشي.
النشـأة
وُلِدَ جبرا  Gabraسيلاسي باهـلبي جـبرا (عبـد الثـالوث فـرح قـلبي عبد مريم) في قرية سبأ مركز أسمرا Asmara بمحافظة أسمرا سنة (1921م)، من أبوين مسيحيين، والده سيلاسي (ثالوث)، وأمه فكرتا مريم رزلا صهيون (حبيبة مريم بذرة صهيون).
وقد كان يصلي في كنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين) بإريتريا Erythrea واسم أب اعترافه: أبا جبرا هيوات (عبد الروح).
نذر الرهبنة
دخل جبرا دير القديس مرقوريوس في سن العاشرة سنة (1931م) فقد كان المتبع قديماً في بعض العائلات الحبشية نذر الابن البكر للـدير، ولكـن فـي عـائلة أبينا لـم يحـدُث ذلك، فقـد تنبأ راهـب حبشي بنذره للدير، وعندما قالت له الأم: يوجد أخوه الأكبر، قال لها: لا، وقد تحقق كلامه لأنّ أخيه الأكبر لم يرغب حياة الدير.
وقد تمت سيامته شماساً بيد نيافة الأنبا ماتيوس بدير القديس مرقوريوس بأديس أبابا، وأصبح اسمه: جبر مريم (عبد مريم).
سيامته قساً
في الثلاثينيات زار جبر مريم مصر للمرة الأولى واستقر في دير البرموس، وخدم أبونا عبد المسيح الحبشي والقمص مينا المتوحد (البابا كيرلس السادس) عندما كانا متوحدين خارج الدير، فكان يُحضر لهما الماء والطعام.. وفي تلك الفترة قام قداسة البابا يوأنس التاسع عشر (١٩٢٨-١٩٤٢م) بسيامته قساً، في الكنيسة المرقسية بكلوت بك قبل نياحته بعام، أي سنة (1941م).
الهروب إلى مصر
في (12/9/ 1974م) حدث انقلاب عسكري أسفر عن سقوط الإمبراطور هيلاسلاسي وضياع عرشه وتولى الحكم الضابط الشيوعي منجستو هيلا ماريام  Mengistu Haile Mariam (1974- 1987م) فهرب القس بيشوي والراهب باخوميوس الحبشي وأتيا إلى مصر، وقد روى القمص أمونيوس المحرقي قصة مجيئهما إلى الدير المحرق قائلاً: عندما هربا ظلا يسيران في الصحراء عدة أيام حتى وصلا إلى السودان، وهناك تم القبض عليهما وتسليمهما للرئيس السوداني جعفر النميري فاستضافهما في قصر الرئاسة، وفي ذلك الوقت زار البابا شنودة الثالث السودان عام (1978م)، وعندما تقابل مع الرئيس جعفر النميري سلمهما له، فاستقبلهما نيافة الأنبا إسطفانوس أسقف أمدرمان وعطبرة ورحب بهما، وعندما عاد البابا شنودة إلى مصر عادا معه على نفس الطائرة، وفي دير الأنبا بيشوي قام بسيامة الراهب باخوميوس الحبشي قساً ورقى القس جبر مريم قمصاً باسم: القمص بيشوي، في (7/4/ 1979م)، وسألهما عن الدير الذي يرغبان أن يحيا فيه؟ فقال: الدير المحرق.
القمص بيشوي في الدير المحرق
عندما جاء القمص بيشوي إلى الدير المحرق، كان الأنبا أغاثون مطران الإسماعيلية (1972- 1999م) ناظراً لوقف الدير، والأنبا ساويرس رئيساً (1977- 2017م)، فقاما برهبنته مع القس باخوميوس، في كنيسة السيدة العذراء الأثرية (26/7/ 1979م).
وقد اتّخذ القمص بيشوي أب اعتراف له من الدير، هو القمص منقريوس المحرقي أقدم راهب بالدير، وعاش ناسكاً محبّاً مشهوداً له من الجميع، ففي أُسبوع الآلام كان يقوم بعمل (1000) ميطانية في الكنيسة، وكان يصوم من عشية الخميس حتى السبت بعد القداس.
وقد روى لي أحد معارفه أنّه عاش نباتياً يأكل السمك والفواكه والخضروات... وعندما تأتيه هدايا كان يوزعها في الحال على الموجودين، حتى الطعام كان يأكل منه القليل ويوزع الباقي.
حرب شيطانية أفقدته بصره
في يوم كان يسير معه أبونا دانيال في منطقة القلالي، فتركه وفي نصف الليل تحولت عينه السليمة إلى كتلة دم! وكان يصرخ بشدة، فطلب أبونا دانيال فذهب إليه وسأله: ماذا حدث لعينك؟ فقال له: كنت واقفاً بجانب الشباك أُصلي تحت اللمبة فلطمني الشيطان على عيني بشدة، فاشتميت رائحة عفونة، فأخذه أبونا دانيال إلى الدكتور فوزى كيرلس بملوي فكشف على العين ثم قال: إنها إصابة غير طبيعية! فلو أُصيبت بفيرس منذ شهر أو أكثر، لكانت حالتها أكثر احتمالاً من هذه الحالة، بمعنى لو في فيرس بيأكل في عينه من شهر لن تصل لِما وصلت إليه! وهذا يؤكد أن سبب العمى هو الشيطان! وبعد أن فقد بصره كان يطلب من الأستاذ ألفنس ونيس، أن يقرأ له السنكسار يومياً في التليفون ليتعزى بسير القدّيسين.
بساطة متناهية
مرة أخذه ابونا بفنوتيوس المحرقي أرض كاروت الخاصة بالدير، وكان معه تسجيلاً فأسمعه عظة لقداسة البابا شنودة فقال له: البابا كبير كيف أدخلته في هذا المسجل الصغير؟!! فلمَّا تقابل مع البابا حكى له هذه القصة! فضحك البابا وأهداه مسجل وشرائط كاسيت عليها بعض عظاته.
حبه للصلاة
في الدير كان يقضي الليل في الصلاة، وعندما يدق الجرس ينزل لحضور الصلاة بالكنيسة ويتناول يومياً في القداس.
وأثناء وجوده بالقاهرة، كان يقضي الليل في الصلاة من الساعة الثانية عشرة حتى الصباح واضعاً أمامه أناء به ماء ويرشم الماء بالصليب، وعندما يزوره محبيه كان يعطيهم من الماء المُصلى عليه كبركة، وقد تمجد الله مع كثيرين بواسطة هذا الماء..
وفي أحد الشعانيين كان يصلي بكنيسة السيدة العذراء بقصرية الريحان، وبعد القداس يذهب بيت القرباني بالقرب من الكنيسة ليأكل العدس الذي كان يعمله له خصيصاً، والغريب أنَّ بعد نياحة القمص بيشوي تغيّر المكان وتم عمل معرض مكان البيت..
وقد أحبه محافظ أسيوط اللواء عبد الحليم موسى، الذي صار وزيراً للداخلية فيما بعد، وكان يطلبه ليزوره في البيت ويصلي لأُسرته.
في صوم العذراء مريم
في السنوات الأخيرة استقر القمص بيشوي في شقة بالقاهرة، وكان يأتي للدير قبل صوم السيّدة العذراء ليعتكف مدة الصوم، وكنا نسمعه وهو يصلي بصوت عالٍ، وكان يأكل مرة واحدة بعد العشاء، وكان طعامه حمص ممزوج بالسكر أو خبز أو أي مأكولات جافة.. ولا يشرب سوى الماء لأنّه لم يكن يستعمل البوتاجاز، وعندما تقدمت به الأيام كان القمص دانيال المحرقي يعد بعض الأطعمة له.
وكان يصلي الأجبية.. وبعد كل صلاة يعمل مائة ميطانية ويقول كيرياليسون إحدى وأربعين مرة، كما كان يصلي التسبحة بألحانها، ومعظم اليوم نسمع صوته وهو يسبّح ويرتل..
مواقف ومعجزات
في يوم زار دير مارمينا العجائبي بمريوط مع أسرة، وعندما دخل من البوابة كان رجل عاجزاً يجلس على كرسي متحرّك، فناداه بعض مرافقيه للصلاة على المريض، فصلي وتمجد الله وقام الرجل، وقد شهد لهذه المعجزة العجيبة الأستاذ جودة فرج الله من مصر القديمة!
كان القمص بيشوي في مارجرجس الجيوشي بشبرا، وأُصيب بحالة إغماء بسبب السكر، فاتصلوا بالكاتدرائية ليُعلموهم بخبر وفاته وجهزوا الصندوق لدفنه وعندما وضعوا سكر في فمه استيقظ وقال لمن كانوا حوله: لماذا ايقظتموني لقد كنت أرى ملائكة..! 
في يوم عانى القمص بفنوتيوس المحرقي من كابوس وهو نائم على سطح البيت البحري بالدير (قلالي رهبان) فعندما قابلة القمص بيشوي قال: لا تجلس في هذا المكان وحدك مرة أخرى لأنّ بجانبك مدافن مش كويسه! فتعجب من كلامه لأنّه لم يُعلم أحداً بذلك.
وعندما حدد الرئيس السادات إقامة البابا شنودة بدير الأنبا بيشوي تنبأ بموته! وقد كان! وأُغتيل في حادث المنصة (6/10/1981م)!
النياحة
في آخر سنة (2002م) بدأت أمراض الشيخوخة تظهر على القمص بيشوى وتم بتر إصبع قدمه بسبب ارتفاع السكر، فخرج من المستشفى، وبعد فترة زادت أمراضه فدخل المستشفى مرة أخرى لكنه تنيح فيها في (22/2/ 2003م)، فتم نقل الجثمان إلى الدير المحرق، وتمت صلاة الجِنَّاز ودُفن بطافوس الرهبان.

ليست هناك تعليقات: