مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

السبت، 8 ديسمبر 2018

قديسون عاشوا في الدير المحرق - القمص ثاؤفيلس المحرقي


رسالة حية تنبض بالحب، وتوبخ الضمائر التي تخدم بحثاً عن نفسها، حبّاً في الظهور واهتماماً بالعبادة الشكلية، فقد عاش في الدير وذهب إلى القدس وخدم في أبوتيج بمباديء لم تتغير، أحب الله والناس، فحفر اسمه بأحرف من ذهب في قلوبهم، إنّه القمص ثاؤفيلس المحرقي، الذي رفع اسم ديرنا عالياً، ونفخر بأننا رأيناه وتكلمنا معه.
قداسـة مبكرة
في بيت هاديء ملأ الإيمان حجراته، وافترشت ورود المحبة والفرح والسلام أرضه وغطت طرقاته، وُلِد كامل زهرة عطرة في بستان الحياة بمركز المنشاة بسوهاج في يوم (6/12/ 1927م)، فاستقبلته الحياة بفرح عظيم، ونما في أسرة مؤمنة مكونة من أبوين وسبعة أشقاء هو البكر بينهم: كامل، كمال، بهية، إبراهيم، توفيق، نعمات، نعمة، وقد شهدت حياته أنّه ليس لهذا العالم قد وُلِدَ، فقبل ميلاده ظهر ملاك في حُلم لأمه أستير موسى خليل، وبشرها بأنّ الجنين الذي في بطنها ليس لها بل لله! 
سنوات تمر.. والطفل ينمو في النعمة ويتعلق بالكنيسة، وفي يوم ملأ الحزن قلبه، كما لو كانت البهجة دُفنت مع المسيح في قبره فقد طلب منه والده سدراك روفائيل سمعان أن يحرس أجران القمح يوم الجمعة العظيمة! فرأى كامل الشهيد مارجرجس فطلب منه حراسه المحصول لحين انتهائه من الصلاة، وعندما حضر والده للاطمئنان عليه، سأله الجيران عن سبب وجود جنود بخيولهم حول حقله فلم يفهم ما يقولون! وعندما عاد كامل من الكنيسة، روى لوالده ببساطة القدّيسين كل ما حدث!
وفي يوم كان كامل ذاهباً إلى الحقل ومعه قطيع من الأبقار، وكان يسير على قضبان السكة الحديد يصلي المزامير، فجاء القطار مسرعاً من خلفه، وفي آخر لحظة صرخ إلى القدّيسة مريم: يا عدرا حوشي! فاستجابت لصراخه وحملته هو والأبقار بقوة عجيبة من أمام القطار، ووضعتهم على خط السكة الحديد المجاور!
الرهبنــة
وذات يوم سافر كامل إلى دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، ومكث هناك يوماً واحداً وعاد إلى منزله، ثم ذهب مرة ثانية فقرر أن يعود إلى بلدته، ولكنَّ الرهبان أحبوه وحاولوا إقناعه بالبقاء معهم، وكان نيافة الأنبا أرسانيوس الثاني رئيس الدير يقابله في قلايته، ويتكلم معه عن حياته الشخصية حتى يتشجع ولا يغادر الدير، ولكنه بعد سبعة أيام قام باكراً وغادر الدير عائداً إلى بيته دون أن يراه أحداً، وفي المرة الثالثة سأله رئيس الدير: هل ستمكث معنا هذه المرة أم ستعود إلى بيتك؟ فأجاب كامل: سأمكث معكم، فقضى شهراً لم يشعر خلاله بأنّ هذا هو الدير الذي يريده الرب أن يترهب فيه فغادره وأثناء عودته قال لنفسه: لقد ذهبت إلى الدير ثلاث مرات وفي كل مرة لم تحتمل الحياة فتعود إلى المنزل، فامكث في البلد واعبد الله في البيت ولا تعود إلى الدير مرة أُخرى، فالله يريد القلب وليس الزي ويقبل الصلاة في أي مكان!
ويذهب كامل إلى أب اعترافه يحمل معه أحزانه وأفراحه، فوالده يرفض رهبنته، والقدّيسة مريم تظهر له في حُلم، ومعها الأنبا باخوميوس الثاني رئيس الدير المحرق يمد إليه يده ليعطيه قربانة! ففسر له أب اعترافه الحُلم قائلاً: لقد اختارتك العذراء لتكون راهباً في الدير المحرق! وقد كان! فذهب كامل إلى الدير المحرق في (27/10/ 1956م) وفي الدير كان حب المسيح يملأ قلبه، فانعكس هذا الحب على علاقته بالرهبان فأحبوه ورشحوه للسيامة، فدق الجرس نغمات الفرح، ويجتمع الرهبان ليُشاركوا في الاحتفال الروحي المهيب برهبنة كامل، فتمت سيامته باسم: ثاؤفيلس (Qeovhlocوهو اسم يوناني معناه: محب الإله، وقد كان هذا الحدث الجليل يوم (5/1/ 1959م)، بيد نيافة الأنبا باخوميوس الثاني رئيس الدير المحرق (1947- 1962م).
الذهاب إلى مدرسة الرهبان والكهنوت
انتهت احتفالات السيامة وعاش الراهب المبتديء أياماً جميلة بين أحضان المسيح يُصلي ويقرأ ويعمل.. وبعد عام ذهب إلى مدرسـة الرهبـان اللاهوتيـة بحلوان للدراسة، مع أخيه في الرهبنـة الراهب داود المحرقي وهناك أُصيبَ بالملاريا، وأكد الطبيب أنهما لن يعيشا للصباح وتم عزل كل واحد منهما في غرفة، فصلى أبونا ثاؤفيلس ليعود إلى الدير سالماً، وفي نصف الليل جاءت العذراء مريم ومدت يدها نحوه، فشفي في الحال وزميله قام سالماً! وعاد إلى ديره حاصلاً على شهادة التفوق لتنطبق عليه الآية: " كَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلاً نَاجِحاً " (تك2:39)، وبعد عام نال نعمة الكهنوت بيد الأنبا باخوميوس الثاني رئيس الدير في عيد العنصرة (2/6/ 1963م)، ليصير راهباً وكاهناً يحتذي به الرهبان في الدير.
عمل الله في حياته
+ أُصيب أبونا ثاؤفيلس بحصوة في الكلى، فقرر الطبيب أن تُجرى له جراحة، وكان الألم في نصف الليل فقال بكل إيمان: العدرا هتتصرف عشان أحضر الكنيسة وأصلي مزامير نصف الليل! وقبل أن يدق جرس نصف الليل نزلت الحصوة بدون ألم!
+ ومرة أُصيب بألم في ضرسه فخرج من قلايته وجلس على بوابة الدير وقال للخفير: الدكتور جاي دلوقتي! وفجأة طرق طبيب أسنان بوابة الدير، ففتح له البواب فقبّل يد القمص ثاؤفيلس قائلاً: كلما حاولت أن أنام أجد شيئاً يدفعني أن أذهب إلى الدير، فأخذت حقيبتي وأدوات الأسنان وجئت إليكم! 
 الخدمة في القدس
سيم أبونا ثاؤفيلس قساً فكانت أفكار كثيرة تتموج بداخله، هل يقضي بقية حياته بين القلاية والكنيسة والعمل في الدير؟ أم يخرج للخدمة ويفتح شفتيه ويعظ ويجذب نفوساً للملكوت؟ لتكن مشيئة الله! فذهب للخدمة في القدس عام (1965م)، بناءً على رغبة الأنبا باسيليوس مطران القدس، ولكنه عاد إلى مصر عندما اندلعت الحرب عام (1967م)، وقد روى بنفسه رحلة عودته المثيرة والملاك الذي رافقه قائلاً: وأنا في القدس طلبت من أسرة مصرية أن تحجز لي من مصر تذكرة للعودة إلى مصر لقلة تكلفتها، وترسلها عن طريق مكتب مصر للطيران في القدس، ولكن اندلعت الحرب فسافرت سريعاً قبل استلام التذكرة، فتحركت من القدس إلى نهر الأردن وهناك وجدت شاباً يطلب مني أن يحمل حقيبتي فوافقت حتى أستطيع العبور، وبمجرد أن عبرت النهر وضع الحقيبة بجواري واختفى!
وفى الأردن سألت عن الحجز إلى لبنان، فوجدت شاباً ترك لي تذكرة فأخذتها وسافرت، وفي بيروت ذهبت إلى مكتب مصر للطيران على أمل أن أجد التذكرة التي حجزتها لي الأسرة، فلم يجد المسئول أي بيانات فأعطاني تذكرة للعودة إلى مصر في اليوم التالي، طالباً مني أن أُرسل له البيانات من فرع مكتبهم بمصر.
ذهبت للمبيت بأحد الفنادق ولم يكن معي نقود، فأعلمني موظف الحجز أنّ شاباً حجز غرفة لكاهن، فمكثت فترة فى الغرفة ونزلت لآكل، ففوجئت بالجرسون يقول: ماذا تحب أن تأكل يا أبانا؟ الشاب الجالس هناك دفع الحساب! فرفعت عينيَّ إلى الجهة التي يشير إليها فلم أجد أحداً، فأكد الجرسون ما قاله، فطلبت أكلاً بقيمة ما دفعه! وفي اليوم التالي خرجت من الفندق ووقفت في الشارع، فوقف لي سائق مصري أوصلني إلى المطار! وعندما وصلت توجهت إلى مكتب مصر للطيران حتى يرسل البيانات للمكتب في بيروت، فسألني المسئول عن الرقم والبيانات فلم أعرف! وفجأة لمحتني السيّدة التي حجزت لي التذكرة من الشباك الزجاجي فأسرعت نحوي وأعطتني التذكرة، وهي تتساءل عن السبب الذي دفعها أن تذهب إلى المكتب في هذا التوقيت؟! ولماذا أخذت الحقيبة التي توجد بها التذكرة وتركت الأُخرى التي تخرج بها؟!
خدماته في الدير ونوال القمصية
عام مضى بعد عودته من القدس ترقى بعده إلى رتبة القمصية في (15/3/ 1968م)، وزادت خدماته فأشرف على مباني الدير ومعمودية الزوار وخدمة المرضى وشيوخ الدير.. وهذا مواقف طريف حدث أثناء إشرافه على مكتب بريد الدير:
كان مفتش من هيئة البريد يقوم بجولة تفتيش لمكاتب البريد، فذهب إلى الدير ولم يتذكر أنّه مكتب خاص لا يتبع الحكومة! فقام بالتفتيش وانتهى به الأمر أن كتب تقريراً جاء فيه: نظراً لعدم نظافة المكان يتم خصم يومين من القمص ثاؤفيلس، معتقداً أنّ أبانا موظف يتقاضى مرتباً من الحكومة! فابتسم أبونا وبدعابة قال له: هات فلوس الثمانية والعشرين يوماً واخصم فلوس اليومين!
شفافيته
+ كان المهندس الزراعي إبراهيم سدراك يزور الدير المحرق، فأعلن أمام الرهبان أنه يستعد لمناقشة الدكتوراه ففرحوا، لكنّ أخاه القمص ثاؤفيلس كان يريد أن يترهب فبادره قائلاً: لو تفرغنا كلنا للدراسة فمن أين نأتي برهبان لتعمير الأديرة؟! وتمر السنون ويحصل المهندس إبراهيم على الدكتوراه في النباتات الطبية عام (1976م)، ثم يترك كل شيء ويترهّب باسم: الراهب سدراك الأنبا بيشوي في (19/3/1984م)، وبعد أن سيم كاهناً خدم في سويسرا، ولما تنيح الأنبا باسيليوس مطران الكرسي الأورشليمي (1959-1991م) في (21/10/ 1991م) رُشّحَ ليخلفه فتمت سيامته باسم: الأنبا أبراهام!
+ كان الأستاذ ممدوح معتمد في الدير المحرق مع مجموعة من الشبان لقضاء خلوة روحية، وقت اختبار وامتحان المتقدمين للكليـة الإكليريكيـة بالـدير فقال الأستاذ ممدوح للقمص ثاؤفيلس: هل أمتحن وأُقدّم فـي الإكليريكيـة؟ فرد عليه قائلاً: لا، خلّص المعهد ورهبن ولم يكن التنسيق قد ظهر بعد! وعندما ظهرت النتيجة دخل معهد المساحة ودرس لمدة عامين، وعمل ثلاث سنوات في أسيوط، ثم ترك العمل وترهب في دير الأنبا بيشوي باسم: الراهب إبيفانيوس.
+ امتحن الدكتور شحات الماجستير ليتخصص في الأمراض الصدرية، وكان قد دخل الامتحان أكثر من مرة فلم ينجح، فطلب الدكتور إيليا أنور من أبينا أن يصلي من أجله فرفض وتهرّب منه قائلاً: أنا جاهل وهو دكتور! وعندما ذهب ليعرف النتيجة وجد نفسه راسباً! وبعد عام امتحن مرة ثانية فرآه القمص ثاؤفيلس أمام المطرانية فنادى عليه قائلاً: مبروك يا دكتور شحات ربنا شحتك الماجستير! فذهب إلى أسيوط وهناك قابل الدكتور سعودي فقام بتهنئته قائلاً: مبروك نجحت بلجنة رأفة!
خدمات متنوعة
في عام (1976م) انتدبه قداسة البابا شنودة ليخدم في كنيسة مارمرقس الدرب بنجع حمادي، التي كانت تتبع الإنجليز وعندما رحلوا أعطوها للخواجة عازر فاعتبرها ملكاً له، وتحكّم في الشعب والكهنة، إلى أن ذهب أبونا ثاؤفيلس فصلى وخدم بكل أمانة، وتبنى الخواجة عازر روحياً وبعدها زالت الخلافات بين الخواجة عازر والمسئولين وتنازل عن موقفه وأصبحت الكنيسة تتبع الأسقفية.
وحتى الآن نذكر أنّ أبونا ثاؤفيلس أسس كنيسة الملاك ميخائيل فى عزبة توما خلف الدير المحرق عام (1979م)، ولكن خدماته الأكثر كانت في أبوتيج ففي عام (1979م) ذهب لصلاة أسبوع الآلام وعيد القيامة وعاد إلى الدير وبعد سيامة الأنبا أندراوس أسقفاً على كرسي أبوتيج، طلب عودته وأسند إليه دير الأنبا مقار فذهب عام (1980م)، وبدأ في تعمير الدير، وخدم بأمانة فأثمرت خدمته.
معجزات
نجاح طالبة الصيدلة
رسبت طالبة من ديروط في السنة النهائية بكلية الصيدلة عدة مرات، فذهبت إلى أبينا ثاؤفيلس في دير الأنبا مقار بأبوتيج ومعها مذكرات المادة التي كانت ترسب فيها، فأخذها منها قائلاً: ذاكري هذه الورقات وستنجحين، فذاكرت ونجحت، وذهبت لتبشره في الدير فلم تجده ولم تنتبه إلى أنَّ غيابه عن الحضور يعني عدم وجوده في أبوتيج! فصلت القداس ثم ذهبت إلى مطرانية أبوتيج لتُعلمه، فقابلت تاسوني أغابي مسئولة المضيفة فسألتها عن أبينا وفجأة دخل القمص ثاؤفيلس فقبّلت تاسوني يده فطلب منها أن تعد لها الغذاء فقالت: حاضر وذهبت لتُحضر الشاي فقابلها سعد الفراش وفهمت من كلامه أنّ أبانا في القاهرة منذ يومين مع الأستاذ جمال شفيق وسوف يحضر غداً! فارتبكت وسقط منها الشاي على الأرض وأخذت تبكي من هول المفاجأة، وفي اليوم التالي حضر أبونا وعندما قابلها قال لها: ما حدث بالأمس في الصالة تحت الساعة لا يُحكى لأحد، ووالدك المقدس عفت هغرّمه ستة أكواب عوضاً عن الأكواب التي سقطت منك، فضحكت تاسوني وقالت: دستة يا أبانا!
شفاء عين طفل
 في يوم (20/5/ 2004م) وقعت كسِرة رخام على عين طفل بالصف الأول الإعدادي بأسيوط فنزفت بشدة، فأخذه والده إلى الدكتور فكان التشخيص: تمزّق بالقرنية وانحسار بالشبكية ونزيف حاد بالعين وقطع طولي بالعدسة طوله (0,7م)، ثم نصحهم الطبيب بالسفر إلى القاهرة فوراً لإجراء عملية عند أحد الأطباء المتخصصين، فذهبوا إلى الدكتور فتحي فوزي فصارحهم قائلاً: لا يوجد أمل ولو (5 %) وكل ما أستطيع عمله هو وضع مادة داخل العين، فتبدو أمام الناس كأنها سليمه، ولكنه لن يستطيع أن يرى بها! فصلى جد الطفل أمام صورة القمص ثاؤفيلس في بيته ونام فرأى نفسه في دير الأنبا مقار، وعندما دخل القاعة قابل أبانا وحكى له كل ما حدث لحفيده، فطمأنه قائلاً: عينه ستة على ستة! ثم وضع أبونا يده على وجهه الرجل ومسح عينيه وقال له: هتكون زي كده، وبعد فك الرباط عن العين وُجِدت سليمة تماماً! وقال الطفل للطبيب: أنا شايفك يا دكتور!
خروج الحصوات
روت سيدة من أبو تيج هذه المعجزة قائلة: منذ عام (1987م) وزوجي يعيش بكلية واحدة بعد أن تليفت الأُخرى، وفي سنة (1996م) أُصيب بارتفاع في البولينا وضغط الدم والسكر ودرجة الحرارة، نتيجة وجود ثلاث حصوات تسببوا في إنسداد الحالب، وكان يدخل في غيبوبة فأدخلناه مستشفى خاص بأسيوط فأخرجوا الحصوات ولكن درجة الحرارة ظلت كما هي مرتفعة، وفي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل عاد إلى وعيه، فطلب مني أن أتصل بأبينا ثاؤفيلس ليصلي من أجله فقلت له: حاضر، ولكن نظراً لتأخر الوقت لم أتصل، وفي الساعة السادسة اتصل ابني من أبوتيج، وأعلمني أنّ أبونا ثاؤفيلس اتصل به ليطمئن على صحة الوالد فقلت له: أُطلب منه أن يصلي من أجله فهذه رغبته.
انتهى الحوار مع ابني فأغلقت التليفون وفجأة عاد زوجي إلى وعيه فقال لي: أين أبونا ثاؤفيلس؟! فتعجبت من سؤاله وأعلمته أنَّ أبانا لم يأتِ إلى هنا، فقال لي: إذاً، أنا كنت أحلم، فسألته: ماذا حلمت؟ فروى لي الحلم قائلاً: كنت راكباً سيارة معكِ وابننا عائدين إلى أبوتيج، وعند كافيتريا بالطريق وقفت سيارتنا وسيارة كانت تسير خلفنا بداخلها أبونا ثاؤفيلس ومعه شابين، فنزل أبونا وأخذني في حضنه وأركبني وحدي في السيارة معه وطمأنني بأنني شُفيت تماماً! وبعد الحلم انخفضت درجة الحرارة وتحسنت حالته، فكتب له الطبيب تصريحاً بالخروج في نفس اليوم! وحدث أثناء عودتنا بسيارة ابني المرسيدس إلى أبوتيج، وعند كافيتريا بالطريق أعطت سيارة خلفنا إشارة فتوقفنا، فوجدنا أبونا ثاؤفيلس ومعه شابين، فنزل أبونا وأخذ زوجي في حضنه وأركبه السيارة وقال لابني: خذ أنت أم القديسين وأسبقنا إلى البيت وأبوك سيذهب معنا! فتعجبنا مما حدث ولازلنا نتساءل: من أعلم أبونا بخروجنا من المستشفى في ذلك الوقت؟! وكيف عرف أننا نركب السيارة المرسيدس التي لم ينزل بها ابني أبوتيج من قبل؟! وكيف جاء لزوجي في حلم وهو في غيبوبة بالمستشفى وتحول الحلم إلى حقيقة؟! والأهم من ذلك كيف شُفي زوجي في الحلم وطمأنه أبونا قائلاً: خلاص مفيش حاجة؟!
بعض أقواله البسيطة والعميقة
+ لو عايز تكلم ربنا سهل خالص رقم السما (02150) (الصفر) هو التوبة التي تجعل القلب ليس فيه خطية، و(2) الصلاة والصوم، و (150) هم المزامير، تتوب وتصلي وتصوم وتتكلم مع السما ترد عليك على طول.
 +الكتاب المقدّس هو خريطة المسافر، وعكاز الغريب، ودليل المرشد، وسيف المحارب، ودستور المسيحي.
+ تذاكر تنجح والكنيسة بك تفرح.
+ لا صديق في الحياة سوى المسيح رب السماء.
+ لا تُعطي فرصة للجسد أن يغلبك بل تقوّى بالروح، لأنّ الجسد بالخبز يحيا كالبهائم والروح بكلام الله تحيا كالملائكة، ولا ثقة بالجسد بل إحترس منه.
+ الخطية تحول البركة إلى لعنة، فاحترس منها.
صليب المرض والنياحة
أربعة وعشرون سنة (1980- 2004م) ممزوجة بالفرح والعمل، قضاها أبونا ثاؤفيلس في الخدمة بأبوتيج، لكنّ المرض اشتد عليه، وبدأت هواجس فكر الموت تتملك النـاس، ورغم رقاده على سرير المرض إلاَّ أنّه لم يغلق بابه في وجه إنسان، والابتسامة لم تبرح شفتيه وفكره لم يصمت، بل ظل يتذكر أولاده ويرعاهم بإرشاده، ويزحف لون الشمع الأصفر إلى وجه أبينا ثاؤفيلس وصوته المرتعش الضعيف يسوده صمت، ومن حوله الناس لا تريد أن تصدق، أنّ راعيهم الصالح الأمين وطائرهم الجميل الذي كان يحلق بهم في سماء الروح، سيذهب بعيداً عنهم! وفي فجر يوم (28/1/ 2004م) دقت الأجراس لتعلن الخبر الأليم، بعد (45) سنة رهبنة، قضاها بين الحياة في الدير والخدمة خارج الدير، ليبدأ حياة جديدة كشفيع لهم في السماء، وقد رفض شعب أبوتيج أن يذهب جسده إلى الدير قبل أن يصلوا عليه، وقد كان! فحملوا الجسد وأتوا به إلى الدير المحرق، فاستقبله الرهبان على باب الدير، ودخلوا الكنيسة وصلوا عليه مرة ثانية! فهل سمعتم عن قديس صلوا على جثمانه مرتين؟!
وقد وضع جسده في مقبرة الرهبان بالدير، لينضم إلى صفوف الأبرار، الذين أثروا الدير والكنيسة بأعمالهم الصالحة..

ليست هناك تعليقات: