مرحباً بكم في مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي وهى تحتوي علي كتبه وعظاته وقداسات وألحان وقصص بصوته وبوربوينت من أعماله وصور متحركة وفوتوشوب من تصميمه وكثير من الخدمات المسيحية وتأملات روحية
الأخبار

السبت، 8 ديسمبر 2018

قديسون وعلماء عاشوا في الدير المحرق - الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة


ليس هناك ما يُلهب المشاعر ويُبكت الضمائر أكثر من قصص القدّيسين، الذين عاشوا حياة الشظف ولم يتوقفوا عـن العطـاء، فالأنبـا سيرابيون بـاع  إنجيله وثيـابه ليتصدّق بثمنها على الفقراء! وعندما سـألوه: أين كتابك؟ أجابهـم: كـان يلـح عليَّ كل يوم قائلاً: " بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلى الْفُقَرَاءِ، فيَكُونَ لَكَ كَنْز فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي " (لو22:18)، فتبعت قول الإنجيل، وقد شق الأبنا أبرآم طريقاً طويلاً بين الفقراء، ليصنع معهم خيراً، فلقبوه بصديق الفقراء.
الميــلاد
في بيت ريفي قديم بقرية دلجا بمركز دير موّاس بمحافظة المنيا، سُمع صوت دبيب أقدامٍ، وشهدت أروقته حركة أرجل تسير هنا وهنـاك، فقـد وُلِدَ الطفـل بولس ومعناه: الصغير، وكان هذا الحدث العظيم عام (1829م).
أيام تمر... وتجتمع الأسرة والأقارب والجيران في بيت غبريال  لتحتفل بعماد ابنه، فقد نشر فجر الربيع ثوباً نقياً ليُلقيه على جسده، والزهور تفتح ثغرها مبتسمة بهذا الحدث البهيج، وتشهد طفولته أنّ أسرته كانت تقية ولهذا علّموه في كتّاب القرية، فحفظ مزاميرَ وألحاناً وآيات كثيرة من الكتاب المقدّس، على يد المعلم روفائيل، وعندما سِيمَ شماساً بيد الأنبا يوساب أسقف قسقام وصنبو، كان منظره وهو يرتدي التونية أشبه بملاك ألبسته السماء ثياب الطهارة.
نياحة والدته
سنوات مضتْ.. على ميلاد بولس، وإحساس قوي بالسعادة يملأ البيت، فالطفل هاديء وبسيط، ينمو في القامة الروحية، ومن عينيه الطاهرتين يشع بريق الإيمان، وفمه ينطق بعظائم الله، فالآيات المقدّسة والمزامير والألحان وسير القدّيسين.. كانت تنساب من شفتيه وتسقط على قلوب سامعيها، كما تتساقط قطرات الندى على تيجان الزهور فتملأها حيوية وتُزيدها نضارة.
لكنّ عطر الربيع لا يدوم، فقد جاء الشتاء يملأ البيت بدموع الحزن، فقد انتقلت والدته إلى الفردوس وهو في سن الثامنة، ليحيا محروماً من حنان الأم، فاختبر بولس منذ صِغره قول إشعياء النبي: " لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ " (إش7:54).
الرهبنة في الدير المحرق
 عاش بولس يتذوق طعم السكينة، عندما يبسط الله يديه على القلب ويملأه من نور حبه، واختبر سلام الأفكار النقية عندما تمر كسرب الحمام، وعرف معنى الفرح عندما يتموّج بين خلايا الصدر ويسري بين الأضلع، فاشتاق إلى الحياة الملائكية، فتوجه إلى الدير المحرق في سن التاسعة عشرة.
وفي الدير كان شاخصاً إلى السماء غير مبالٍ بكل ما هو أرضيّ، فأحبه الرهبان لتقواه ورشحوه للرهبنة وقد كان! فتمت سيامته باسم: الراهب: بولس الدلجاوي المحرقي فقديماً كانوا ينسبون للراهب اسم والده وبلدته وديره عند السيامة، وكان ذلك الحدث البهيج عام (1848م) أثناء رئاسة القمص عبد الملاك الهوري للدير المحرق.
الخـدمة في المنيا
سنوات مضت.. على سيامة بولس راهباً، عاش خلالها بين الصلاة والعمل، وكان مثالاً للمحبة والطاعة.. وأحب الفقر الاختياري الذي نذره يوم رهبنته، ففاحت سيرته العطرة، وصارت فضائله تتردد على ألسنة الرهبان حتى سمع عنه الأنبا ياكوبوس مطران المنيا، فطلب منه أن يكون وكيلاً للمطرانية فأطاع، فصارت المطرانية مقراً للفقراء والأيتام، ومسكناً للمرضى والمسنين..
وينتشر خبر الراهب البار الذي يُعطي بسخاء كالبرق بين الناس، فأحبّوه، لأنّه أطعمهم حبّات قلبه، وسقاهم من نور عينيه، وجعل من ضلوعه قفصاً يحميهم، لقد عاش بينهم كالبستاني يراقب وروده النابضة بالحياة ويرعاها بحنانه، فقام الأنبا ياكوبوس بسيامته قساً، فامتزجت فضيلة العطاء بالصلاة وأثمرت خدمته بين الناس، وكان هذا الحدث الجليل عام (1860م) بعد عام من خدمته في المنيا.
رئاسته للدير المحرق وقصة عزله
 خمس سنوات قضاها القس بولس في الخدمة بالمنيا، بعدها عاد إلى الدير المحرق وصار رئيساً له عام (1866م) ورهبن أربعين في أُسبوع واحد، كان من بينهم القمص ميخائيل البحيري، لكنّ الخلافات تعمقت والمشاكل زادت واتسعت دائرة الانقسام بين الرهبان فصارت كزلزال حبلت به الأرض تريد أن تلد الشقاء! ويمكن توضيح قصة عزل القمص بولس الدلجاوي في النقاط التالية:
. كان البابا ديمتريوس الثاني (1862- 1870م) على خلاف مع القمص عبد الملاك الهوري رئيس الدير المحرق، فقام بعزله من الرئاسة! وعيّن القمص بولس الدلجاوي رئيساً للدير، وربما يكون السبب هو ارتياح البابا للقمص بولس لأنّه كان من دلجا بلدته، كما أقام أخاه القمص يوسف المحرقي رئيساً لدير الأنبا مقار فوافق الرهبان لسببين، الأول: قداسة هذا الأب، والثاني: لأنّ البابا كان رئيس دير الأنبا مقار قبل سيامته بطريركاً فخضع له الرهبان.
. في عام (1870م) تنيح البابا ديمتريوس الثاني، الذي كان يساند القمص بولس الدلجاوي، فوجد قلة من الرهبان الفرصة متاحة لعزله، فذهبوا إلى النائب البطريركي الأنبا مرقس مطران البحيرة، وطالبوا بعزله من رئاسة الدير، فاستجاب لهم وعيّن مكانه القمص ميخائيل الأبوتيجي.
. بعد عزله، أراد القمص بولس الدلجاوي الحفاظ على سلام الرهبان واستقرار الدير، فترك الدير وذهب إلى دير الأنبا بيشوي وهناك عاش ثلاثة أشهر، ذهـب بعدها إلـى ديـر البرمـوس حيث قضى إحدى عشرة سنة، وقد اصطحبه أربعـة قمامصة من تلاميذه، ثلاثة منهم تمت سيامتهم عام (1881م) وهم: القمص ميخائيل المصري (الأنبا أثناسيوس أسقف صنبو)، القمص أقلاديوس الميري (الأنبا بطرس مطران إثيوبيا)، القمص أقلاديوس الخالدي (الأنبا متاؤس أسقف إثيوبيا)، والرابع شـقيقـه القمص سليمـان الدلجـاوي، الذي خــدم فـي الفيــوم بعد سيامة الأنبا أبرآم أسقفاً عليها.
السـيامـة
" يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاِسْتِقْصَاءِ " (رو33:11)، تلك آية تنطبق على القمص بولس الدلجاوي، ففي دير البرموس تعمقت العلاقة وتوطدت أواصر المحبة بينه وبين القمص يوحنا الناسخ، الذي أصبح البابا كيرلس الخامس البطريرك (112) وهو من جلس أطول مدة على كرسي مارمرقس الرسول (1874- 1927م).
وعندما وجد البابا كيرلس أنّ شعب الفيوم والجيزة، يحتاج إلى راعٍ صالح يقودهم إلى المراعي الخضراء، قام بسيامة القمص بولس الدلجاوي سنة (1881م) أسقفاً باسم: الأنبا أبرآم (Abraam) ومعناه: أب عالٍ أو مكرم، فقد كان لابد أن يوضع السراج المنير  " عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ " (مت16:5)، والبستاني يعود إلى الحقل ليرعى أزهاراً ويسقي أشجاراً، وينزع الأشواك من الأرض الخَرِبة، ويسقيها من ماء الروح لتعود لها الحياة وتثمر من جديد!
منهج الأنبا أبرآم في الخدمة
ذهب الأنبا أبرآم إلى الفيوم يحمل معه نسمات القدّيسين، ومن عينيه يتلألأ بريق الأمل، ويستقبله الناس كأغصان الرياحين وهى تتمايل فَرِحة، وقد فاجأ الناس بعطاياه السخية للفقراء على اختـلاف مذاهبهم، وجعل دار الأسقفية مأوى للمشردين، وملجأً لليتامى، ومسكناً للمرضى، وكثيراً ما قدم ثيابه للعراة! وطعامه للجياع! وأموال المطرانية للفقراء! واهتم بالصلاة فهي مفتاح السماء، وبصلاته حدثت معجزات وآيات شفاء كثيرة.
 وكان الكتاب المقدّس مرشده في الحياة، فحفظ منه أجزاءً كاملة، وكان يقرأه كاملاً كل أربعين يوماً، ولم يكتفِ بقراءة كلمة الله للناس، بل يقرأ ويفسر لهم، وعندما كان يتعسّر في تفسير آية، كان يتوقف قليلاً عن القراءة ويصلي فيرسل له الله التفسير الصحيح.
أما عطاؤه فكان بلا حدود وهذه معجزة رواها الشماس الدكتور يوسف منصور: خرج الأنبا أبرآم بعد إتمام مهمته من البطريركية في القاهرة، قاصداً مقر إيبارشيته بالفيوم عن طريق القطار، وقبل أن يدخل محطة السكة الحديد، قابله شحاذ يطلب صدقة، فأخرج كل ما في جيبه وأعطاه له ولم يتبقَ معه شيئاً! ثم دخل المحطة يرافقه القمص عبد السيّد وكيل المطرانية مذهولاً فسأل الأنبا أبرآم: من أين نأتي بثمن التذكرتين؟ فطمأنه بأن الله سيدبر لهما كل شيء لأنّه قال: " أَعْطُوا تُعْطَوْا " ثم دخل الأنبا أبرآم إلى محطة القطار، وإذ برجل يقف أمامه وقبّل يده وحكى له ما حدث معه قائلاً:
لقد تزوجت ولم أُنجب فذهبت إلى الفيوم طلباً لصلواتك المقبولة، وقد استجاب الله وأعطاني نسلاً! فقررت أن أذهب أنا وزوجتي إلى الفيوم لأوفي نذوري للرب، ولأسباب خاصة بزوجتي سنرجيء السفر عدة أيام، فجئت إلى هنا لإرجاع التذكرتين، وقد دبر الله هذا اللقاء لأُقابلك وأشكرك وأُعلمـك بمـا حـدث، ثم أعطاه النذر والتذكرتين! وسط ذهول أبينا عبد السيّد!
وفي يوم أهدى رجل الأنبا أبرآم شالاً طالباً صلواته، ثم دخلت إليه أرملة محتاجة، فلم يجد مالاً فأعطاها الشال ففرحت به، وعرضته للبيع لنفس الشخص الذي أهداه للأنبا أبرآم دون أن تعرف! فاشتراه منها وذهب إلى أبيه وسأله: أين الشال؟ فأجاب القدّيس: فوق! وكان يقصد السماء، فقدم له الشال مرة أخرى!
زهده وبساطته وحزمه
في بداية خدمته بالفيوم، نزل الأنبا أبرآم في يوم ليتفقد الفقراء وهم يأكلون، فلاحظ أنّ الطعام المعد له أفخم مما وجده أمام البسطاء، فحزن وعزل الراهبة بسيمة المسئولة عن خدمة الفقراء وإعداد الطعام لهم!
وعندما أراد البابا كيرلس الخامس ترقيته مطراناً، رفض في اتضاع، وكانت حجته: إنّ الكتاب المقدّس ذكر فقط درجة الأسقفية، ولم يتحدث قط عن رتبة المطران.
وبعد سيامته أسقفاً، ظل يمسك في يده نفس الصليب، الذي كان يمسكه وهو كاهن حتى نياحته!!
وعندما دعاه البابا لمحاكمة كاهن استضاف أسقفاً محروماً في منزله وقدم له الطعام، حضر واستمع إلى قرار الاتهام، ولكنّه رفض التوقيع قائلاً: لست أجد سبباً يستوجب قطع هذا الكاهن لأنّه عمل بوصية إنجيلية، ألم يعتبر الإنجيل من يأوي غريباً فقد أوى السيّد المسيح نفسه؟! ألم يقل رب المجد يسوع: " جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي " (مت35:25)، وأعلن القدّيس رفضه القاطع للحكم الذي صدر ضد الكاهن، وترك المجمع وخرج غاضباً، فأرسلوا إليه يسترضونه وسامحوا الكاهن من أجله!
ورغم بساطته كانت له مهابة القدّيسين، وكان المسلمون يوقرونه إيماناً منهم بأنّه رجل الله، وعندما زار الخديوي توفيق الفيوم تقابل مع الأنبا أبرآم ببشاشة وجه، ورحب به وطلب منه أن يصلي من أجله قائلاً: أنت رجل مبـروك!
لقاء مع الكاتب الانجليزى ليدر
سمع الكاتب الإنجليزي ليدر عن قداسة الأنبا أبرآم، فأسرع بالسفر إلى مصر ليلتقي به، فأراد بعض المقربين من الأنبا أبرآم أن يقابله في بيت أحد وجهاء الفيوم، لأنّ الغرفة التي يقطنها بسيطة جداً! وكل محتوياتها عبارة عن سرير وبجانبه مائدة خشبية وبعض الكراسي البسيطة! ولكن الأسقف رفض وحضر ليدر وزوجته في هذا المقر، وقد تعجب ليدر من بساطته التي لم يرها من رجال الدين في بلاده! وبعد حديث قصير صلى لهما الأنبا أبرآم، وفي النهاية ردد كيرياليسون (41) مرة، فشعر ليدر أنّ رحمة الله تظلله وزوجته! وبعد خروجه قال: رأيت اليوم رجلاً قدّيساً من طراز رسل المسيح والآباء الروحيين الأوائل! وأضاف: لو عَلِمَ شعب هذه المدينة أي شرف وكرامة قد أعطى الأنبا أبرآم لمدينتهم، لأيقنوا أنّهم سيظلون إلى الأبد مدينين لهذا الرجل!
معجزات للأنبا أبرآم
+ ذهب إلى الأنبا أبرآم رجل فقير ولدت زوجته حديثاً، فتحنن عليه وأعطاه جنيهاً هو كل ما لديه، وعند خروجه قابله وكيل المطرانية فأخذ منه الجنيه وأعطاه ريالاً (عشرون قرشاً) فرجع وأعلم الأنبا أبرآم بما حدث معه، فاستدعى الوكيل ووبخه وأمره أن يرد له الجنيه ولا يأخذ منه الريال، وأن يعطيه لحافاً لشدة البرد، فاحتج الوكيل بأنَّ المطرانية ليس بها إلاَّ هذا الجنيه! فقال له: الرب يُرسل، وبعد خروج الفقير وصل إلى الأنبا أبرآم حوالة من رجل مسيحي بعشرة جنيهات، وبوليصة فى السكة الحديد بعشرة أرادب قمح!
+ ذهب المقدّس يواقيم من المناهرة إلى أبينا القديس: بعد فشل الأطباء في علاج عقدة لسانه، وكان الأنبا أبرآم يعرفه فقال له: " غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ " (لو27:18)، وفى المساء اجتمع الشعب للصلاة مع الأنبا أبرآم، وعندما قال أمامه يارب أرحم نطق الأخرس وانفكت عقدة لسانه! وقبل أن ينصرف المقدّس يواقيم طلب من الأنبا أبرآم الصلاة ليُعطيه الرب ولداً، فقال: سيُعطيك الرب يوحنا ونجلاً آخر، وحقق الرب نبوءته وأنجب ولدين!
+ فى سنة (1896م) تفشى مرض الكوليرا، فاجتمع الناس للصلاة بالمطرانية، وأعلموا الأنبا ابرآم بذعر الناس، وكثرة الذين يموتون بهذا الوباء، فسألهم: لماذا تخافون من الموت؟ إن لم نمت اليوم سنموت غداً، وطلب منهم أن يستحضروا القمص ميخائيل، فلما حضر طلب منه أن يأتي بمائتي ورقة بيضاء ويكتب على كل منها " نحن عبيد يسوع المسيح الناصري المصلوب "، ففعل كما أمره وقدم له الورق فرشمه بالصليب وصلى عليه وقال له: أعطِ ورقة لكل من يطلب منك، ليضعها على باب منزله الخارجي، فتمجد الرب وكل من وضع الورقة لم يدخل بيته الوباء!
النياحــة
ذهب الربيع بعبير نسماته، ثم جاء الخريف ليسقط ثمرته، فبعد ثلاث وثلاثين عاماً خدمة في الأسقفية، مرض الأنبا أبرآم الذي شفى مرضى كثيرين، ولازم الفراش شهراً، ويتوافد الناس إليه ليحظوا ببركة من أحبهم، وعندما علم القديس بساعة انتقاله، طلب من القمص عبد السيد أن يعد مكان دفنه بدير العزب بالفيوم، ويصلي الشمامسة المزامير خارج حجرته، فما أن سمع أولاده هذا الكلام تعالت أصوات البكاء والنحيب، وبعد نصف ساعة فتح القمص عبد السيد باب حجرته فوجده قد تنيح، بعد أن عبر وادي الدموع وجاهد وانتصر، وجاءت الساعة ليكلل بإكليل الحياة الذي لا يفنى، لقد تنيح الأنبا أبرآم في (9/6/1914م)، وفى الصباح تم دفنه في كنيسة أبي سيفين بدير العزب بالفيوم، وقد تم نقل جسده إلى مزاره الحالي، وفي عام (1964م) اعترف المجمع المقدّس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية، بقداسة الأنبا أبرآم مع الأنبا صرابامون أبي طرحة أسقف المنوفية والقدّيس ميخائيل البحيري.
روحه تحملها الملائكة
الله " لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ " (أع17:14)، فعندما انطلقت روح الأنبا أبرآم رأى حكمدار الفيوم المسلم مركبة نورانية تجرها الخيول تحمل القدّيس، وكان ركّابها من الملائكة المحيطين بجسد الأنبا أبرآم يهتفون قائلين: إكؤواب! إكؤواب! إكؤواب! فقال الحكمدار لزوجته اُنظري هذه المركبة التي تجرّها الخيول وتحمل أسقف النصارى، يبدو أنه قد مات! ثم بعد قليل جاءه خبر النياحة! وعندما سأل عن كلمة إكؤواب عرف أنها قبطية ومعناها: قدوس!


ليست هناك تعليقات: